هايدي حنا
أهلًا بكم في جولة جديدة داخل حياة طفلك حيث سنكمل معًا جولتنا حول مشكلة مص الأصبع عند الطفل، وخلال جولتنا هذه سوف نتعرف على كيفية التعامل مع تلك العادة. استعدوا سنبدأ…
أولًا. علاج السبب الأساسي لهذه العادة:
في البداية، على الوالدين إدراك إنه قبل محاولة التعامل مع الطفل ليتوقف عن تلك العادة عليهما معالجة السبب الأساسي لها، ومن جولتنا السابقة سنجد أن الأسباب كلها تدور حول العامل النفسي للطفل من خوف وقلق وحرمان من الحب، لذا فالتعامل مع هذه العادة يبدأ من الوالدين.
وإن كانت لا توجد مشكلة خاصة بالوالدين فعليهما إما أن يلاحظا طفلهما وهو يلعب وسط أخواته أو أقرانه فقد يكتشفا أنه يتعرض للتنمر وهذا سبب مخاوفه وقلقه. أو إن كان يذهب للحضانة فعليهما الاطمئنان لعدم تعرضه للتنمر وذلك بسؤال المسئولين أو سؤال الطفل نفسه، مع الأخذ في الاعتبار أن تكون طريقة سؤال الطفل بمحبة وهدوء كي لا يخاف لأنه عندها لن يستطيع أن يشاركهما بما يتعرض له إن كانت المشكلة في الحضانة. وإن تأكد الوالدان أنه يتعرض للتنمر عليهما التعامل مع هذه المشكلة. (قد سبق وتجولنا حول كيفية التصرف في حال تعرُّض الطفل للتنمر).
ثانيًا. عدم عقاب الطفل أو استخدام العنف:
فعادة مص الأصبع هي عادة عصبية يقوم بها الطفل بصورة لا شعورية لذا فمن الظلم أن نعاقب الطفل عليها. والجدير بالذكر أن العقاب يزيد من لجوئه للعادة وذلك لأن العقاب الظالم يزيد من الضغط النفسي على الطفل والذي بدوره يزيد من سلوك عادة مص الأصبع حيث الإحساس بالراحة، بالإضافة إلى أنه قد يتوقف الطفل أمام والديه خوفًا من العقاب لكن سرعان ما يعود لمص أصبعه في حال عدم وجودهما معه، وما أن يراهما حتى يصاب بالذعر وهو يخرج أصبعه من فمه، ومشاعر الخوف هذه تزيد من رغبة الطفل في مص أصبعه حيث يجد فيها الأمان. لذا على الوالدين الابتعاد عن ضرب الطفل أو الانفعال والصراخ فيه، فهذه السلوكيات ليست هي الحل بل تزيد الأمر سوءًا.
ومن أساليب العنف التي يلجأ لها الوالدان شد أصبع الطفل من فمه وهو يمصه، فهذا السلوك يسبب الذعر له ولا يأتي بالنتيجة المرجوة. من الممكن أن يقوما بهذا وهو نائم لكن وليس وهو مستيقظ، وأن يكون إخراج أصبعه من فمه برفق وليس بعنف.
ثالثًا. إيجاد البديل وإشغال يد الطفل باستمرار:
على الوالدين إيجاد بديل يقوم بإلهاء الطفل من عادة مص الأصبع، ومن هذه البدائل الألعاب أو الأنشطة التي يحتاج فيها الطفل إشغال كلتا يديه، على شرط أن تكون هذه اللعب والأنشطة تثير فضول الطفل مثل الألعاب التي تحتاج للتركيب والفك والرسم والألوان، والأنشطة التي تحتاج حركة والتي لا تسبب ملل له، كي ينشغل بها عن مص أصبعه.
كذلك إن وجد الوالدان أن طفلهما يمص أصبعه عليهما إشغاله بمهام تحتاج لإشغال كلتا يديه، حيث يلجأ بعض الأطفال لمص الأصبع بسبب الإحساس بالملل والفراغ، لذا فانشغاله بمهام يُكلَّف بها في هذه الحالة يكون هو العلاج.
رابعًا. ابتكار وسائل لمساعدة الطفل على تركها، مثل:
1) وضع قفاز أو لف الأصبع الذي يمصه الطفل بشاش، مع التأكيد للطفل أن هذا ليس عقاب، لكنه يُذكِّره ألا يمص أصبعه، مع الأخذ في الاعتبار ألا تكون مؤلمة له وضاغطة على يده. والجدير بالذكر أنه من الممكن أن تُستخدم هذه الوسائل خلال نومه وهو الوقت الذي يمص فيه الطفل أصبعه دون وعي، لكنها حركة لا إرادية وهو ونائم.
2) اتباع نظام المكافأة: مثلًا تخصيص كراسة يلصق عليها نجوم ذهبية والاتفاق على إنه إذا توقف يوم كامل سيحصل على نجمة ذهبية وإذا جمع خلال أسبوع سبعة نجوم سيحصل على مكافأة، ولا يُشترط أن تكون غالية الثمن فالطفل يفرح بمعنى المكافأة وليس ثمنها لأنه لا يدرك قيمتها المادية لكنه يدرك قيمتها المعنوية.
خامسًا. الصبر على الطفل:
قد يترك الطفل عادة مص الأصبع نهارًا لكنه لا يستطيع أن يمتنع عنها وهو نائمًا، وهذا الأمر يحتاج لصبر الوالدين وعدم القلق، حيث إن الطفل يقلل منها بالتدريج وهو نائم حتى يتركها تمامًا. ومن الممكن تعزيز سلوكه بترك تلك العادة وهو نائم بأن تكون البداية بتشجيعه بعدم مص أصبعه وهو يستعد للنوم وذلك من خلال:
1) نظام المكافآت.
2) أو من خلال رفع معنوياته بأنه صار كبيرًا وشاطرًا وقادرًا على أن يترك هذه العادة قبل نومه.
3) أو من خلال توعيته بمشاكل هذه العادة وأضرارها، هذا إن كان الطفل في عمر الخمس سنوات كي يستوعب هذا الكلام، على أن يكون ذلك بمحبة وهدوء وبدون مبالغة في سرد أضرارها، فالمبالغة قد تؤدي لعدم تصديق الطفل لكل الحوار حول أضرارها، لذا على الأهل مشاركته بأضرارها الحقيقية دون مبالغة. وفي كل مرة يحاول مص الأصبع على الوالدين تذكيره بأضرارها مع الاحتفاظ بهدوئهما وعدم الانفعال عليه.
وفي جميع الحالات، يجب أن يدرك الوالدان أن ترك العادة ليلًا يحتاج صبر لأن الطفل يقوم بها بدون إدراك، ولكن بمرور الوقت وبالصبر والحب يتخلص الطفل من هذه العادة نهائيًا.
سادسًا. توفير جو من الأمان للطفل:
فتوفير الأمان يساعد الطفل على ترك تلك العادة، لذا على الوالدين:
1) الاهتمام بالطفل وقضاء وقت للعب والمرح معه، والتعبير عن محبتهما بكلمات التشجيع، مع الاهتمام بسماع الطفل عندما يحتاج للتكلم معهما مهما بدا أن موضوعاته تافهة، فقد تكون تافهة بالنسبة لهما لكنها هامة جدًا للطفل.
2) إن كان أحد الوالدين ذا مزاج عصبي فعليه التعامل مع هذه المشكلة لأنها قد تكون من أسباب خوف الطفل ولجوئه لعادة مص الأصبع.
3) في حال وصول مولود جديد للأسرة وكان هذا سبب لجوء الطفل لمص الأصبع (النكوص)، حيث إن الاهتمام كله أصبح لهذا الضيف الجديد، فعلى الأب أن يساعد زوجته في الاهتمام بالمولود كي يمنحها الوقت لتهتم بالطفل وتمنحه الوقت الكافي من الحب والاهتمام.
في النهاية… على الوالدين ألا يشعرا بالقلق من هذه العادة والتعامل معها بهدوء وذلك لأن الطفل بمرور الأيام وعندما يكبر يخجل منها أمام أقرانه فيتركها.
بهذا نكون انتهينا من جولتنا. لنبدأ جولة جديدة في حياة طفلك. استعدوا سننطلق…