هايدي حنا
أهلًا بكم في جولة جديدة داخل حياة طفلك لنُكمل معًا جولتنا حول التبول اللاإرادي عند الطفل، حيث سنتجول حول كيفية قيام الوالدين بتهيئة جو نفسي صحي للطفل يساعده على تخطي هذه الأزمة. استعدوا سنبدأ جولتنا…
بعدما عرفنا الخطوات التي يقوم بها الأهل لتعافي طفلهم من أزمة التبول اللاإرادي، يحتاج الأهل أن يدركوا أن هناك أمرًا هامًا لتتميم شفاء طفلهم وهو تهيئة الجو النفسي ليكون جو صحي يُسرِّع من تعافيه، بل أحيانًا يكون هو الأساس للتعافي. فما هي الخطوات التي يجب أن يقوم بها الأهل لتوفير جو نفسي صحي لطفلهم؟
أولًا. التعامل مع الخلافات الزوجية بصورة صحيحة ناضجة:
على الوالدين إدراك أن خلافاتهما لها دور أساسي في التبول اللاإرادي عند الطفل، وأن التوتر والخوف والشعور بعدم الأمان يسببان عدم قدرة الطفل على ضبط المثانة لديه فيعاني من التبول اللاإرادي. بالتأكيد لا توجد أسرة خالية من الخلافات ولكن المشكلة هي طريقة التعامل مع الخلاف، فعندما يكون الشجار من سماته العنف من: ألفاظ خارجة، صوت عالي وصراخ، ضرب… أو لو كان الخلاف سببه الطفل نفسه، فإن كل هذا يزيد من توتر الطفل والشعور بعدم الأمان مما يساهم في ازدياد مشكلة التبول اللاإرادي لديه.
لذا على الزوجين التعامل مع هذه المشكلة بالاتفاق على كيفية التعامل مع خلافاتهما بعيدًا عن العنف، وليس هذا فقط بل الاتفاق على كيفية إظهار حبهما بعضهما لبعض أمام الطفل حتى يشعر بالجو الأسري الدافئ الذي يحتاج له ويساعده على الشعور بالأمان، ومن ثَمَّ مساعدته على الشفاء من التبول اللاإرادي.
ثانيًا. الصبر مع التشجيع:
من المعروف أن تعليم مهارة جديدة يحتاج لوقت وصبر، والأصعب هو تعديل سلوك سلبي وتحويله لسلوك إيجابي مع تطويره ليصبح عادة، لذا على الأهل أن يتسموا بالصبر حتى يتعلم طفلهم مهارة قدرة ضبط المثانة لديه، حيث سيأخذ الأمر وقتًا طويلًا، وذلك من خلال التعامل مع إخفاقات الطفل بدون أي عصبية من خلال الصراخ والضرب أو من خلال لغة الجسد التي تعكس غيظ الوالدين من وجه متجهم، أو توتر واضح في الحركة… كل هذا يقرأه الطفل فيشعر بالذنب والنقص مما يعمل على تأخير تعافيه من أزمة التبول اللاإرادي. لذا من المهم أن يصبر الوالدان على الطفل مع التشجيع في كل مرة ينجح فيها، حتى لو كان في البداية عدد مرات إخفاقه أكثر من عدد مرات نجاحه، مما يزيد من ثقة الطفل بنفسه فيساهم هذا في سرعة تعافيه وتخطي الأزمة.
ثالثًا. تعديل أساليب التربية السلبية:
على الوالدين تقييم طريقة تربيتهما بدون تبرير لسلوكهما مع طفلهم، حيث إن بعض الآباء يبررون طريقة تربيتهم السلبية بسلوك طفلهم السلبي، أو ينفون سلوكهم السلبي تجاه طفلهم.
فمثلًا لا يصدق الأهل أنهم يعانون من مشكلة التمييز بين أطفالهم، بينما لو فكروا قليلًا فقد يجدون التمييز واضح في بعض السلوكيات التي تبدو بسيطة لكنها ترسل رسالة للطفل مفادها أنه الطفل المرفوض وغير المميز وغير المقبول… فقد تكون كلمة تشجيع يسمعها أخوه لكن لا يسمعها هو، نظرة محبة وتشجيع تُمنح لأخيه لكنها لا تُمنح له، وضع أعذار لأخيه إن أخطأ لكن هو غير مقبول منه أي سلوك سلبي… هذا كله بالإضافة للمقارنة والقسوة في التربية.
والجدير بالذكر أن تدليل الطفل يتسبب في هذه الأزمة أيضًا، من خلال عدم محاولة تعليم الطفل لاستخدام “البوتي” والتغاضي عن تأديبه عند إصراره على عدم استخدام “الحمام” والتبول على ملابسه في توقيت تعليمه استخدام “البوتي” والاستغناء عن الحفاضة، وكذلك التغاضي عن سلوكياته السلبية… فالتدليل له نفس نتيجة القسوة في التربية. هذا بجانب أن الخوف والحماية الزائدة للطفل والتي تمثل سمة من سمات التربية المدلّلة – كما سبق وعرفنا في جولتنا حول طريقة التربية – لها أيضًا نفس نتيجة القسوة في التربية.
لذا على الأهل معرفة طريقة تربيتهم وتعديلها من خلال الابتعاد عن التدليل والقمع والقسوة والمقارنة والتمييز… مع ضبط سلوكه السلبي وعدم تجاهله ولكن بطريقة هادئة.
وفي النهاية قبل أن ننهي هذه الجولة على الأهل أن يقوموا بما يلي:
1- إيقاظ الطفل ليلًا عدة مرات والذهاب معه للحمام في البداية حتى لا يشعر بالنفور منه، وبعد وقت وشعوره بالثقة يمكن تركه الذهاب بمفرده.
2- توفير إضاءة خافتة ليلًا حتى لا يخاف الطفل من الذهاب للحمام بسبب الظلام مما يساهم من زيادة احتمالية التبول اللاإرادي.
3- منع الأطعمة الحريفة والسوائل والمياه الغازية قبل النوم مباشرةً، ويفضَّل توقف المشروبات قبل النوم بساعتين، مع دخول الطفل للتبول قبل النوم.
4- تدفئة الطفل ليلًا خاصةً في الشتاء، مع الأخذ في الاعتبار أن تكون ملابسه سهلة النزع عند رغبته في دخول الحمام.
وفي النهاية علينا التأكيد أنه لا بد من متابعة طبيب نفسي يساعد في إرشاد الوالدين بشأن كيفية التعامل مع هذه الأزمة بحسب تشخصيه لحالة الطفل.
بهذا نكون انتهينا من جولتنا حول أزمة التبول اللاإرادي. لنبدأ جولة جديدة في حياة طفلك. استعدوا سننطلق…