هايدي حنا
أهلًا بكم في جولة جديدة داخل حياة طفلك. خلال جولتنا هذه، سوف نتعرف على مشكلة يتعرض لها الطفل وهي رهاب التبرز، فما هو هذا الرهاب؟ وما هي أعراضه وأسبابه وكيف نتعامل معه؟ كل هذا سوف نعرفه خلال جولتنا. استعدوا سنبدأ…
هل كل طفل يبكي عند محاولات الأم كي يجلس على البوتي/الحمام يتم تشخصيه بأنه يعاني من رهاب التبرز؟
الإجابة هي “لا”، حيث إن هناك فرقًا بين خوف الطفل من البوتي أو الحمام وبين رهاب التبرز الذي يصاب به الطفل.
الخوف من البوتي أو الحمام:
هو خوف ناتج من اعتياد الطفل على الحفاضة حتى أصبحت دائرة راحته، وبالتالي يكون من الصعب أن يترك دائرة راحته بالاستغناء عن الحفاضة ويستخدم الحمام/البوتي عوضًا عنها. وهذه الحالة تحتاج للصبر وعدم استخدام القوة أو العقاب القاسي مع تدريبه على البوتي أو الحمام مع الاستغناء عن الحفاضة لكن بالتدريج حتى يتم الاستغناء عنها بالكامل. والجدير بالذكر أنه إذا تم التعامل مع هذه المشكلة بصورة خاطئة قد يتطور الأمر فيتحول إلى رهاب التبرز.
رهاب التبرز:
له أسباب مختلفة تمامًا عما سبق، لكن كلها لها أساس واحد وهو خبرة شخصية سلبية لدى الطفل، أي عند استخدامه وتدريبه على البوتي/الحمام تسبب هذا في مشاعر سلبية تعرض لها، لذا فهو يرفض بعنف بسبب خوفه الذي وصل للرهاب أن يقوم بمثل هذا السلوك. وقد سبق وشاركتكم في رحلة سابقة في حياة الطفل بأن الذهن يقوم بتسجيل المشاعر التي يشعر بها الإنسان عند القيام بأي سلوك، فيجعله يسرع بالقيام بكل سلوك منحه شعور بالسعادة، وينفر من كل سلوك مؤذي شعر بالألم بسببه. وإن كان استخدام البوتي/الحمام سلوك يجعله يشعر بالألم عندها فسوف يقاوم الطفل أي محاولات تجبره بالقيام بمثل هذا السلوك مرة أخرى مهما حاولت الأم، وذلك بسبب الرهاب الذي أُصيب به نتيجة لمشاعر الألم التي تعرض لها خلال هذا الوقت.
أمثلة لمثل هذه الحالات:
1) وجود إمساك مزمن يجعل الطفل يتعرض للألم خلال التبرز وبالتالي بحسب خبرة الطفل الشخصية في كل مرة يجلس على البوتي/الحمام يستحضر ذهنه الألم الذي يشعر به خلال هذا الوقت بسبب مشكلة الإمساك فيضرح ويبكي ويرفس كي لا يقوم بهذا السلوك الذي يجعله يشعر بمشاعر سلبية مؤذية له، ويرفض بعنف الجلوس على البوتي/الحمام ويقاوم الأم مهما حاولت. والمشكلة تزداد إن استخدمت الأم العنف مع طفلها لكي يقوم بهذا السلوك حيث يزداد عند الطفل يقينًا بأن هذا السلوك يسبب له ألمًا فيزداد نفورًا منه.
2) التعرض للعقاب القاسي خلال تدريبه على استخدام الحمام/البوتي، حيث إن بعض الأمهات يستخدمنّ الضرب المبرح والإهانة الجسدية والنفسية خلال تدريب طفلهم على الحمام مما يجعل الذهن يسجل هذه المشاعر السلبية فيحدث النفور منها.
3) عدم الحكمة في التعامل مع مشكلة خوف الطفل من البوتي/الحمام كما سبق وذكرت.
4) خبرة سلبية حدثت له خلال تدربيه على الحمام سواء تركه بمفرده وقت طويل وهو جالس على البوتي/الحمام، أو إنزلاقه وسقوطه من قاعدة الحمام وهو جالس عليها، أو ارتفاع قاعدة الحمام التي تجعل رجليه في وضع غير مريح له خاصةً لو لم يكن هناك كرسي صغير يسند رجليه عليه، مما يترتب عليه أن يشعر بالألم في قدمه وظهره بسبب هذه الجلسة فينفر منها.
كيف يتعامل الأهل مع الطفل الذي يعاني من رهاب التبرز؟
1) منع عقاب الطفل أو ضربه حتى لا تزداد مشكلة رهاب التبرز لديه، حيث إن لجوء الوالدين للعقاب والضرب يعمل على زيادة خبراته السلبية نحو هذا السلوك مما يؤدي لإصراره على رفض التبرز وهو جالس على البوتي/الحمام والامتناع عن دخول الحمام.
2) من المهم جدًا العمل على تعويد الطفل على التبرز في وقت معين بحيث يكون بعد نصف ساعة من تناول الوجبة، فقد يساعد هذا على حل مشكلة الإمساك لديه وذلك بتنظيم موعد الحمام. كذلك يُنصح بشرب كميات وفيرة من الماء والإكثار من الأطعمة التي تساعد على التبرز بدون معاناة من الإمساك.
3) اللجوء لطبيب أطفال إن كان يعاني من مشكلة الإمساك ويحتاج لملينات للإمساك بجانب الأطعمة والماء.
4) لا يجب أن يُترك الطفل وحيدًا عند دخوله الحمام حتى يتخلص من خوفه ويشعر بالأمان، خاصة لو كانت المشكلة خبرة سلبية تعرض لها خلال جلوسه على البوتي/قاعدة الحمام.
5) الصبر ثم الصبر، لأن التعجُل في ظهور نتائج إيجابية سيخلق جوًا من التوتر عند الوالدين مما ينعكس على سلوكهما السلبي مع الطفل فيزيد هذا من تسجيل الذهن للمشاعر السلبية وبالتالي تأكيد النفور لديه من هذا السلوك مما يؤدي لزيادة مشكلة الرهاب عند الطفل بدلًا من علاجها.
6) على الأم أن تُشغِل طفلها بألعاب يحبها أثناء محاولاته التبرز ليشعر بالأمان لوجودها معه ويتخلص من أي خبرة سلبية تعرض لها في الماضي.
وأخيرًا، إذا لم تفلح هذه محاولات لعلاج رهاب التبرز عند الطفل رغم كل المحاولات السابقة، فيجب أن يلجأ الوالدان لطبيب نفسي متخصص حتى يساعدهما في علاج رهاب التبرز كي لا تتفاقم المشكلة لديه.
بهذا نكون وصلنا لنهاية جولتنا حول تلك المرحلة، سوف ننطلق لجولة جديدة ومنطقة جديدة في حياة طفلك. استعدوا