14.4 C
Cairo
الخميس, ديسمبر 19, 2024
الرئيسيةUncategorizedالتهاب القولون التقرحي

التهاب القولون التقرحي

نيفين عاطف مشرقي

يُعتبر الكشف المبكر للأمراض هو درع الأمان لصحة الإنسان، وبالأخص في ظل التقدم الهائل لنوعية الفحوصات الطبية المقدمة، والتي تُعد بمثابة جرس إنذار يستوقف الأطباء تجاه مشكلة ما وهي في طور البداية وقبل أن تتفاقم وتتحول إلى مأساة قد تفني حياة الإنسان. وأحد تلك الأمراض هو التهاب القولون التقرحي، والذي يبدأ بمجرد التهاب ويتحول على مدار السنوات إلى سرطان القولون، وذلك إذا لم يتم تشخيصه بشكل دقيق وعمل المتابعات اللازمة من وقت لآخر كما سوف يرد في السطور التالية.

عن القولون التقرحي وأسبابه وأعراضه ومضاعفاته وكيفية علاجه، حدثنا د. سامي المنياوي – استشاري الباطنة بمستشفى مار مرقس. في البداية، يقول د. سامي إن التهاب القولون التقرحي هو داء معوي التهابي مزمن تصبح فيه الأمعاء الغليظة (القولون) ملتهبة ومتقرِحة، مما يؤدي إلى حدوث هجمات من الإسهال الدموي ومغص البطن والحمى، بالإضافة إلى أن خطر الإصابة بسرطان القولون على المدى الطويل يزداد مقارنةً بالأشخاص غير المصابين بالتهاب القولون التقرحي. وأوضح د. سامي أنه يمكن أن يبدأ التهاب القولون التقرحي في أي عمرٍ ولكنه يبدأ عادةً قبل سن الثلاثين، وذلك في المرحلة العمرية ما بين 14-24 عامًا، وقد تكون بداية المرض عند مجموعة قليلة من الأشخاص والذين تتراوح أعمارهم بين 50 إلى 70 عامًا. ويبدأ التهاب القولون التقرحي في المستقيم عادةً، وقد يبقى الالتهاب مقتصرًا على المستقيم أو قد يمتد مع مرور الوقت ليشمل كامل القولون، كما قد تحدث الإصابة في معظم الأمعاء الغليظة في نفس الوقت عند بعض الأشخاص.

وعن الأعراض، أوضح د. سامي أنها تظهر عند حدوث هجمات قد تكون في بعض الأحيان مفاجئة وشديدة، وتتسبب في حدوث إسهال شديد يحتوي عادةً على المخاط والدم مع حمى شديدة وألم في البطن وحدوث التهاب في بطانة تجويف البطن، وفي بعض الأحيان يمكن أن يكون البراز طبيعيًا أو جافًا عندما تكون الإصابة مقتصرة على المستقيم، كما يؤدي انتشار الالتهاب إلى خارج الأمعاء الغليظة إلى زيادة رخاوة البراز، وقد يضطر الشخص إلى التبرز أكثر من 10 مرات يوميًا، ومع تكرار الهجمات قد يحدث فقدان بالوزن.

وعن الأسباب، أشار د. سامي إلى أنه ما زال سبب حدوث التهاب القولون التقرحي غير معروف بشكل مؤكد، إلا أنه يبدو أن الوراثة ووجود مشكلة مناعية مفرطة في الأمعاء من العوامل المسببة لحدوثه. أما عن مضاعفات التهاب القولون التقرحي، فقد ذكر د. سامي أنها تتمثل فيما يلي:

* النزف والذي يسبب غالبًا الإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد.

* ويؤدي الضرر الذي يلحق بأعصاب وعضلات جدار الأمعاء إلى حدوث توقف في حركة التقلص الطبيعية لجدار الأمعاء بشكل مؤقت، وبالتالي لا يجري دفع محتويات الأمعاء مما ينتج عنه حدوث تمدد في البطن.

* ومع تفاقم مشكلة التهاب القولون، تفقد الأمعاء الغليظة قوة عضلاتها وتحدث حالة تعرف باسم تضخم القولون السمي. وقد تسبب هذه المضاعفات حدوث ارتفاع في درجة الحرارة وألمًا في البطن، ويمكن أن يحدث انثقاب في الأمعاء الغليظة في بعض الأحيان.

*سرطان القولون، وتبدأ الإصابة بسرطان القولون بعد حوالي سبع سنين من بدء الإصابة بالتهاب القولون التقرحي، ويزداد خطر الإصابة بسرطان القولون مع ازدياد حجم المنطقة المصابة بالتهاب القولون التقرحي من الأمعاء الغليظة. ومع طول فترة الإصابة، يصاب ما بين 7-10% من الأشخاص بسرطان القولون بعد 20 عامًا من بدء إصابتهم بالتهاب القولون التقرحي، وتصل النسبة إلى 30% بعد مرور 35 عامًا. وتزيد فرص البقاء على قيد الحياة إذا جرى تشخيص الحالة في مراحلها الأولى واستئصال الجزء المصاب في الوقت المناسب.

* عندما لا يتسبب التهاب القولون التقرحي في ظهور أعراض الجهاز الهضمي، قد تستمر معاناة الأشخاص من مضاعفات تحدث بالكامل دون علاقة بالداء المعوي، مثل الحالات التالية: قرحات جلدية أرجوانية داكنة، التهاب العمود الفقري، التهاب المفاصل الحوضية، التهاب المفصل العجزي، التهاب داخل العين (التهاب العِنبية).

* رغم أن الأشخاص المصابين بالتهاب القولون التقرحي يعانون عادةً من ضعف طفيف في وظائف الكبد، إلا أن حوالي 1–3% فقط يعانون من أعراض أمراض الكبد، والتي تتراوح بين الخفيفة إلى الشديدة. ويمكن أن تشتمل أمراض الكبد الشديدة على التهاب الكبد المزمن النشط والتهاب القنوات الصفراوية والتي تضيق وتغلق في نهاية المطاف وتحول نسيج الكبد الوظيفي إلى نسيج متشمع.

وأشار د. سامي أن طرق تشخيص التهاب القولون التقرحي تبدأ بالخطوات التالية:

*يشتبه الأطباء في وجود إصابة بالتهاب القولون التقرحي عند الأشخاص الذين يعانون من إسهال دموي متكرِر متزامن مع مغص ورغبة ملحة في التبرز، ولا سيما عند معاناة الشخص من مضاعفات أخرى، مثل التهاب المفاصل أو مشاكل في الكبد أو تاريخ لهجمات مماثلة.

*اختبارات البراز: يفحص الأطباء البراز للكشف عن الطفيليات، واستبعاد حالات العدوى البكتيرية، وتقييم الالتهاب.

*التنظير السيني: يؤكد التنظير السيني (فحص القولون باستعمال أنبوب مشاهدة مرن ويتيح هذا الإجراء قيام الطبيب باستطلاع شدة الالتهاب مباشرة واستئصال عينات الأنسجة من المناطق المصابة للفحص تحت المجهر).

* الاختبارات الدموية: لا تؤكد الاختبارات الدموية تشخيص التهاب القولون التقرحي، ولكنها قد تكشف إصابة الشخص بفقر الدم أو بازدياد أعداد خلايا الدم البيضاء (عند وجود التهاب) أو انخفاض مستوى ألبومين البروتين أو مستوى بروتين سي.

وأوضح د. سامي أن علاج التهاب القولون التقرحي يشمل الخضوع لنظام غذائي بهدف تعويض الشخص ما يفقده من غذاء بسبب طبيعة المرض، واستعمال الأدوية المعدلة للمناعة، والتدخل بشكل جراحي إذا ما لزم الأمر.

وختامًا ينصح د. سامي بإجراء تنظير القولون (فحص الأمعاء الغليظة باستعمال أنبوب مشاهدة مرن) كل 1-2 سنة للأشخاص الذين مضت على إصابتهم بالتهاب القولون التقرحي أكثر من 8-10 سنوات، حيث تُستأصل عينات نسيجية من مناطق مختلفة من الأمعاء الغليظة خلال تنظير القولون وذلك لفحصها تحت المجهر والتحرِي عن علامات تحذيرية مبكرة للإصابة بالسرطان.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا