19.4 C
Cairo
الأحد, نوفمبر 17, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيالتلميذ الحقيقي للمسيح

التلميذ الحقيقي للمسيح

ق. برسوم سند

(لو33:14– 35)

لقد تحدّث المسيح كثيرًا بأمثال، وقد استخدم أيضًا القصص والتشبيهات المأخوذة من واقع الحياة وهذه الأساليب توضح الحق بطريقة عملية. والمسيح هنا في مجال تقديم شروط إتباعه وتكلفة ذلك ولكي نصير له تلاميذ حقيقيين.

كان يسوع المسيح على دراية كاملة من هم الذين يتحدث إليهم، فهؤلاء هم الفريسيون وجمع كثير من تابعيه. فقدم بعض الأمثلة والتشبيهات التى تبيّن من هو الشخص التابع له ومن هم الذين يرون أنفسهم ويعملون لأجل مجدهم الذاتي دون أي اتضاع. ومن هو التلميذ الحقيقي الذي يضحي بأهله وممتلكاته وينكر ذاته ويعيش لأجل مجد المسيح الذي خلصه. ونحن هنا لابد لنا أن نقف أمام الحقيقة الساطعة التي أعلنها الرب يسوع المسيح للفريسيين وللجموع الكثيرة التابعة من سامعيه، ومن هو التلميذ الحقيقي له.

أولاً : التلميذ الحقيقي للمسيح

“أنتم ملح الأرض.. أنتم نور العالم.. الملح جيد”.

1- التلميذ الحقيقي إيمانه حقيقي

لقد شبّه المسيح أن المسيحي التلميذ الحقيقي بالملح والنور (مت13:5، 14؛ مر50:9 ؛ لو33:14). الملح هو رمز النقاوة والطهارة، والنور هو الضياء والاستنارة. والمسيحي ينبغي أن يكون قلبه نقيًا وطاهرًا ممتلئًا بالمسيح المخلص، وعقله مستنيرًا بفكر المسيح. لا يسكن في قلبه وفكره غير يسوع المسيح. فالملح الجيد هو الملح النقي وصاحب اللون الأبيض وليس به أي شوائب. والنور الحقيقي هو الذي يعطي ضياء واستنارة. وكذلك المسيحي قلبه نقي وطاهر وهو يعكس نور المسيح الذي فيه.

2- التلميذ الحقيقي سلوكه دقيق

كان الرب يسوع المسيح يعلم جيدًا تصرفات الفريسيين التي فيها مبالغة في التدين الظاهرى. ولذلك ركّز المسيح على أن التلميذ الحقيقي مثل الملح الجيد الذي يعطي مذاقًا وطعمًا للطعام، وكذلك التلميذ المسيحي يعطي مذاقات للمجتمع الذي يوجد فيه، لأنه يتمتع بقلب نقي وحياة طاهرة، فهو ملح جيد. يمتدحه المرنم قائلاً: “طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس. لكن في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلاً” (مز1:1، 2). وهو ينتشر في المجتمع مثل الملح في الطعام بهدوء وقوة لا نراها لكن نشعر بها.

3- التلميذ الحقيقى يعكس نور المسيح

فالتلميذ الحقيقي يعكس نور المسيح للذين في العالم، وكان تعليم المسيح للمؤمنين “أنتم نور العالم. لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل، ولا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال، بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت. فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات” (مت14:5-16)، وفي إنجيل مرقس “ثم قال لهم: هل يؤتى بسراج ليوضع تحت المكيال أو تحت السرير؟ أليس ليوضع على المنارة؟” (مر21:4)، وفي إنجيل لوقا “وليس أحد يوقد سراجًا ويغطيه بإناء أو يضعه تحت سرير، بل يضعه على منارة، لينظر الداخلون النور.. ليس أحد يوقد سراجًا ويضعه في خفية، ولا تحت المكيال، بل على المنارة، لكي ينظر الداخلون النور” (لو16:8؛ 33:11). وهذا هو المعنى الواضح أن الذي له نور المسيح لا يمكن أن يخفيه، بل يعكسه بكل قوة في كل تصرفاته وفي كلامه وأفعاله، فالمسيحي هو لا يمتنع فقط عن فعل الخير، بل أن يعمل الخير ويرشد الضالين، ويهدي البعيدين ويكون مثالاً وقدوة للآخرين.

4 – التلميذ الحقيقي يعمل لمجد الآب

“لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات” (مت16:5).

كانت غاية الفريسيين أن يمتدحهم الناس، لذلك كان تعليم المسيح أن ينتبه الكل إلى أن الغاية من السلوك الحسن لمجد الله الآب. فالتلميذ الحقيقي يعمل وهو ينكر ذاته، ويعمل بكل اتضاع ووداعة وبروح المحبة مضحيًا بكل غالٍ ونفيس لمجد الله الآب.

ثانيًا: التلميذ الفاسد

“ولكن إذا فسد الملح، فبماذا يصلح؟ لا يصلح لأرض ولا لمزبلة، فيطرحونه خارجًا. من له أذنان للسمع، فليسمع” ( لو34:14، 35)، “ولكن إذا صار الملح بلا ملوحة، فبماذا تصلحونه” (مر50:9)؛ “ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح؟ لا يصلح بعد لشيء، إلا لأن يطرح خارجًا ويداس من الناس” (مت13:5)؛ “لا يمكن أن تخفى مدينة موضوعة على جبل، ولا يوقدون سراجًا ويضعونه تحت المكيال” (مت14:5، 15)؛ “هل يؤتى بسراج ليوضع تحت المكيال أو تحت السرير” (مر21:4)؛ “وليس أحد يوقد سراجًا ويغطيه بإناء أو يضعه تحت سرير.. ليس أحد يوقد سراجًا ويضعه في خفية، ولا تحت المكيال” (لو 16:8؛ 33:1).

1- التلميذ غير الصالح فقَدَ ملوحته وضياءه

التلميذ غير الصالح يشبه الملح الذي فقدَ ملوحته والنور غير المضيء، وهذا يعني أن التلميذ غير الصالح هو ليس تلميذًا ولا هو مؤمن بل له شكل التلميذ ومظهره مثل مظهر وشكل المؤمنين. كما أن الملح الذي فقدَ ملوحته هو ملح ممتلئ بالشوائب، له شكل ومظهر الملح، لكنه لا يصلح للاستخدام، فقدَ تأثيره هو بلا ملوحة “ولكن إذا فسد الملح، فبماذا يصلح؟”.

التلميذ غير الصالح يشبه النور الذي لا يضيء، هو سراج تحت المكيال أو تحت إناء أو تحت السرير، هو سراج لا يعطي نورًا هو سراج منطفئ. كذلك التلميذ غير الصالح هو ليس بتلميذ ولا هو مؤمن، بل هو إنسان فاسد ولا يصلح أن يكون مصلحًا في المجتمع.

2- التلميذ غير الصالح وسوء المصير

التلميذ غير الصالح مصيره سيىء ونهايته مظلمة، لذلك يشير المسيح إلى هذا المصير السيىء قائلاً: “لا يصلح لأرض ولا لمزبلة، فيطرحونه خارجًا.. ولكن إذا صار الملح بلا ملوحة، فبماذا تصلحونه؟.. ولكن إن فسد الملح فبماذا يملح؟ لا يصلح بعد لشيء، إلا لأن يطرح خارجًا ويداس من الناس” (لو35:14؛ مر 50:9؛ مت13:5). إن مصير الإنسان الفاسد نهايته الهلاك هو مصير الأشرار، كما يقول المرنم: “أما طريق الأشرار فتهلك” (مز6:1)، ومصير هؤلاء مثل مصير الزوان في مثل الحنطة والزوان “في وقت الحصاد أقول للحصادين اجمعوا أولًا الزوان واحزموه حزمًا ليحرق، وأما الحنطة فاجمعوها إلى مخزني” (مت 30:13)، ومصير هؤلاء هو المصير المعلن عنه يوم الدينونة ومكانه خارج المدينة “لأن خارجًا الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الأوثان، وكل من يحب ويصنع كذبًا” (رؤ15:22).

 لقد قدّم المسيح تشبيهًا يوضح لنا أن التلميذ الحقيقي هو مثل الملح الجيد، والنور الذي يضيء الذي يوضع فوق المنارة. فالتلميذ الصالح مثل الملح الجيد الذي يؤثّر من الداخل ومثل النور في تأثيره وقوة ضيائه الذي يعطي استنارة ملموسة خارجًا.

وكما قدّم تشبيهًا للذين هم في فساد الحياة مثل الملح الفاسد، والنور المطفئ ومصيره الطرح خارجًا مثل الأغصان غير الثابتة في أصل الشجرة “إن كان أحد لا يثبت فيّ يطرح خارجًا كالغصن، فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار، فيحترق” (يو6:15). ومن الملاحظ أن المسيح يعطي تحذيرًا ليس أن التلميذ الجيد ممكن أن يفسد. بل إن التلميذ الجيد هو المؤمن الصالح والنافع، أما غير الصالح هو ليس بتلميذ، بل هو يشبه التلميذ. أما المؤمن له الضمان الأبدي من الله الابن والله الآب “وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يد أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل، ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي أنا والآب واحد” (يو28:10-30). هل أنت تلميذ حقيقي للمسيح؟!

التلميذ الحقيقي يعمل وهو ينكر ذاته، ويعمل بكل اتضاع ووداعة وبروح المحبة مضحيًا بكل غالٍ ونفيس لمجد الله الآب

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا