كريستيان جيفارا
في البدء كانت الحياة
عمقًا لا حد له.. ثراءً بلا ضفاف
جوهرًا لا شريك له
ولكن كبرياء الموت لم يرضه كل هذا الجمال
كيف يقف مكتوف الأيدي أمام المخلوق الجديد
على صورة الحياة.. في جنة لا فقر فيها ولا مرض
ولا لعنات مُجهضة للأحلام
جنة بلا عين بعين.. غضب بكـُره.. وكـره بدم
بلا أشلاء من الجثث
بلا فخ من الأنانية اللعين
بلا صوت ناي مشروخ حزين
جنة بلا أوجاع السقوط
بلا طوق البراح الذي كل لحظة يضيق
إله الموت.. المتكبر الأول.. العدو البكر
لم يصمت.. حاول مرارًا وتكرارًا أن يجعل الأرض خربة وخالية..
موحشة وبالية
الكل ينهش الكل.. جراد ينهش الخـَضَار
وخفافيش تنهش النهار فتجعله ظلام دامس
ولكن ها إله الحياة.. يقرع أبواب مقابرنا الفولاذية المتشبعة بالموت
الآكلة إلى حد التخمة من شجرة المعرفة
المُمتصة كالإسفنجة سم الحياة الزاحفة
يخترق موتنا.. مقابرنا..
ويقول للموت.. قـُم.. قـُم وانتفض
فنولد من جديد.. عصافير بلا فخ
ذهنًا مستنيرًا.. مناضلين بلا خوف
أحرارًا بلا أغلال العبودية
فاهمين يضيئون، ملحًا غير فاسد
يلوِّن العدم بطعم أشهى من العسل
نورًا بلا مكيال.. موضوع على قمة الهرم
“من مصر دعوتُ ابني”
