“… قبل أن يجتمعا وُجدت حبلى من الروح القدس” (متى1: 18)
عديد من الناس اليوم يسخرون من فكرة أن يسوع وُلِدَ من عذراء. لكن الميلاد العذراوي للمسيح واحد من العقائد الحاسمة في المسيحية. فإذا لم يولد المسيح حقيقة من عذراء، عندئذٍ يكون قد وُلِدَ مثل أي إنسان. وحينئذٍ يكون مجرد إنسان فقط، وادعاؤه الإلوهية يُثبت أنه مخدوع، ومقولة إنه الله مجرد كذب. باختصار. إذا كان المسيح مجرد إنسان، فلا يمكن له أبدًا أن يكون الله المتجسد كما قال.
أيضًا، ما كان المسيح ليكون مخلص العالم لو أنه لم يولد من عذراء. فكإنسان، كان يفترض أن يرث المسيح الطبيعة الخاطئة من والديه. فلو أنه خاطئ لما استطاع أن يكون ذبيحة كفارية لخطايا جميع العالم (1يوحنا2: 2). وإذا كان مجرد إنسان، كانت تضحيته على الصليب مجرد تضحية كائن محدود، لا تُرضي عدالة الله القدوس اللامحدود الذي أساءت إليه خطية الإنسان وشره. وحده المسيح الإنسان الذي لا يعرف خطية والإله الكامل قادر أن يتمم الذبيحة الكفارية لخطايا العالم أمام إله قدوس غير محدود. لذلك، ليس الميلاد العذراوي من أساسات عقيدة إلوهية المسيح فحسب، لكنه أساس أيضًا لعقيدة بر المسيح وخلوّه من الخطية، بالإضافة إلى دوره كمُخَلِّص العالم. من أجل ما سبق يغدو ميلاد المسيح العذراوي عقيدة جوهرية لا يشوبها ريب.
هل يُعلم الكتاب المقدس بشكل واضح أن يسوع قد وُلِدَ من عذراء؟
الجواب نعم. فسفر (إشعياء7: 14) الذي كُتب 700 سنة قبل ميلاد المسيح، يتنبأ: “ولكن يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابنًا وتدعو اسمه عمانوئيل”. إن كلمة “عمانوئيل” تعني “الله معنا”. وعندما يصف متى ميلاد يسوع من العذراء مريم، يقتبس ذات النبوة من إشعياء على أنها قد تمت بيسوع: “وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل: “هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا، ويدعون اسمه عمانوئيل” الذي تفسيره: الله معنا” (متى1: 22 و23). إن الكلمة اليونانية Parthenos الواردة في النص لها معنى واحد فقط “عذراء”.
يسوع الذي ولد من عذراء كان أيضًا بلا خطية. لقد تحدى خصومه أن يثبتوا عكس ذلك – “من منكم يبكتني على خطية؟” (يوحنا8: 46). في (يوحنا7: 18): يقول يسوع، “من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه، وأما مَنْ يطلب مجد الذي أرسله فهو صادق وليس فيه ظلم”. والتلاميذ الذين عاشوا قريبين من يسوع مدة ثلاث سنين أمكنهم أن يتفحصوا تفاصيل حياته بدقة. لقد أجمعوا في اعترافهم أنه كان بلا خطية، فقال الرسول بطرس إنه كان “كما من حمل بلا عيب ولا دنس” (1بطرس1: 19). وكتب الرسول يوحنا: “وليس فيه خطية” (1يوحنا3: 5). حتى المشكك السابق، بولس، قال عنه: “الذي لم يعرف خطية” (2كورنثوس5: 21). وكاتب الرسالة إلى العبرانيين أخبر أن يسوع كان “مجربًا في كل شيء مثلنا، بلا خطية” وأنه “قدوس بلا شر ولا دنس، قد انفصل عن الخطاة” (عبرانيين4: 15؛ 7: 26). والحاكم الروماني بيلاطس، بعد استجواب يسوع، أقر أنه لم يجد فيه علة واحدة (يوحنا18: 38؛ متى27: 23-25؛ لوقا23: 13). ومن جهته، خلُص هيرودس الملك إلى ذلك أيضًا (لوقا23: 13-15). حتى يهوذا مُسَلِّمه، اعترف: “قد أخطأت إذ سلمت دمًا بريئًا” (متى27: 4).
لا يمكن لأحد بالمنطق أن يُنكر شهادات موثوقة لشهود عيان، إلى جانب براهين أخرى، جميعها تثبت أن يسوع هو الإنسان الوحيد الذي عاش على هذه الأرض، كاملًا وبدون خطية. لكن أن يكون بلا خطية يعني أنه لا يمكن أن يكذب أو يُضلل الآخرين، أي إن يسوع كان غير قادر على أي موقف أو عمل غير أخلاقي، ولا كان باستطاعته أن يقوم بأي انحياز فلسفي مصطنع، لأنه يعلن الحق على الدوام. وطالما أنه بلا خطية، فمن المنطقي أن كل ما قاله عن نفسه هو حق. وإذا كان يسوع كاملًا بدون خطية، أليس علينا الافتراض أن ما قاله على درجة من الأهمية لنا، بغض النظر عما نفكر عنه الآن؟