21.4 C
Cairo
السبت, نوفمبر 23, 2024
الرئيسيةتحقيقاتمحنة المجتمعات المسيحية في العالم

محنة المجتمعات المسيحية في العالم

المسيحيون مهددون بالاختفاء من  العراق ومن غزة … ومشاهد التعميد الجماعي لأطفال بفلسطين  تتحدى الموت

إفريقيا تئن من الاضطهاد العنيف … المجتمعات المسيحية في إفريقيا تعاني من: تدمير الكنائس، واستهداف المؤمنين، وتقليص الحريات الدينية

تحقيق: إيهاب قزمان

اقترب الاضطهاد الديني للمسيحيين من حد “الإبادة الجماعية” في بعض أجزاء من العالم، وفقًا لتقرير طلب إعداده جيريمي هنت، وزير الخارجية البريطاني.

وأشار التقرير، والذي أعده أسقف كنيسة تورورو فيليب ماونستيفن، إلى تقديرات تتضمن أن واحدًا من كل ثلاثة أشخاص يعاني من الاضطهاد الديني.

وأضاف أن المسيحيين هم أكثر الجماعات تعرضًا للاضطهاد الديني.

وقال جيريمي هنت إنه يشعر أن “اللياقة السياسية” لعبت دورًا في عدم مواجهة هذه المشكلة.

وأفاد التقرير المرحلي بأن “ممارسات الإبادة الجماعية بلغت مداها، وأن المسيحية تواجه خطر الاختفاء من أجزاء في الشرق الأوسط.”

وحذَّر أيضًا من أن الديانة المسيحية “تواجه خطر الاختفاء في بعض أجزاء من العالم”، مستشهدًا بإحصائيات تشير إلى أن المسيحيين في فلسطين يمثلون 1.5% فقط من عدد السكان بينما تراجع عددهم في العراق إلى 120 ألف مسيحي مقابل 1.5 مليون مسيحي قبل 2003.

ويظهر هذا جليًا في السطور التالية، حيث انخفض عدد المسيحيين لدرجة كبيرة في العراق وغزة، كما يواجه مسيحيو إفريقيا اضطهادًا عنيفًا لم يشهدوه من قبل.

إفريقيا تئن من الاضطهاد العيف… المجتمعات المسيحية في إفريقيا تعاني من: ندمير الكنائس، واستهداف المؤمنين، وتقليص الحريات الدينية

واجهت المجتمعات المسيحية، في جميع أنحاء القارة الإفريقية تحديات واضطهادًا عميقًا في السنوات الأخيرة، وغالبًا ما كانت تعاني من الصعوبات والتمييز بسبب إيمانها. وقد تعرضت هذه المجتمعات، على الرغم من صمودها ومساهمتها في المجتمع، لمختلف أشكال الاضطهاد الذي يهدد وجودها وحريتها في ممارسة معتقداتها.

ويقول الكاتب جون تيموثي في تقرير نشره موقع “مودرن دبلومسي” إن المسيحيين واجهوا في العديد من البلدان الإفريقية اضطهادًا شديدًا وتمييزًا وعنفًا.

ومن نيجيريا إلى السودان، ومن إريتريا إلى الصومال، أصبحت قصص القمع والتهميش شائعة إلى حد مثير للقلق بعد أن تم تدمير الكنائس، واستهداف المؤمنين، وتقليص الحريات الدينية، وساهم كل ذلك في خلق بيئة من الخوف وعدم الاستقرار لدى المؤمنين.

وتتطلب محنة المجتمعات المسيحية في إفريقيا، وهي قضية ملحة، الاهتمام والعمل. وفي حين أن العديد من الدول لا تزال تعاني من الاضطهاد والتمييز، تبرز جمهورية الكونغو الديمقراطية كمثال للتقدم والأمل في المستقبل.

اضطهاد المسيحيين في نيجيريا

كان اضطهاد المسيحيين في نيجيريا قضية مؤلمة للغاية ومستمرة، واتسمت بأعمال العنف والهجمات المستهدفة والتمييز على نطاق واسع، فقد أطلقت جماعات متطرفة مختلفة، وأبرزها مسلحو بوكو حرام والفولاني، العنان لموجة من الوحشية ضد المجتمعات المسيحية، مما أدى إلى تدمير الكنائس، وتشريد عدد لا يُحصى من الأسر، وخسائر مأساوية في أرواح الأبرياء.

وتتراوح الهجمات بين عمليات الاختطاف والقتل وحرق القرى، مما يخلق جوًا من الخوف وانعدام الأمن بين المسيحيين النيجيريين.

اضطهاد المسيحيين في السودان

وكان اضطهاد المسيحيين في السودان قضية مماثلة منذ فترة طويلة. وفي ظل جميع الأنظمة الأخيرة، واجه المسيحيون التمييز والقمع المنهجي، وتحملوا القيود المفروضة على الحريات الدينية، وواجهوا التهميش المجتمعي، فقد هُدمت الكنائس، وألقي القبض على المؤمنين، وانتشر التمييز في التعليم والتوظيف.

وعلى الرغم من حدوث بعض التحسينات في أعقاب التغييرات السياسية في السودان، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، ولا يزال المسيحيون يواجهون عقبات في ممارسة شعائرهم الدينية بشكل علني، ولا تزال الرحلة نحو التسامح والقبول الديني بمثابة صراع مستمر للمجتمع المسيحي في السودان.

اضطهاد المسيحيين في إريتريا

وفي إريتريا، تعاني المجتمعات المسيحية من الاعتقالات التعسفية والاحتجاز بسبب ممارسة شعائرها الدينية خارج الطوائف التي تقرها الدولة. وتسيطر الحكومة بشدة على الأنشطة الدينية وتغلق الكنائس وتعرِّض المؤمنين للتعذيب والسجن.

ويواجه المسيحيون ضغوطًا هائلة للتخلي عن عقيدتهم، مع تقارير عن الظروف المروعة في مراكز الاحتجاز. ولا يزال هذا القمع المتواصل للحرية الدينية في إريتريا يلقي بظلاله على حياة سكانها المسيحيين.

الكونغو الديمقراطية … مثال طيب على تعزيز الحريات الدينية

وأحد الاستثناءات الملحوظة لهذه الرواية القاتمة هو جمهورية الكونغو الديمقراطية. وعلى الرغم من أنها ليست محصنة ضد التحديات، فقد أظهرت جمهورية الكونغو الديمقراطية تقدمًا ملحوظًا في تعزيز بيئة لم تنجُ فيها المجتمعات المسيحية فحسب، بل ازدهرت، لا سيما في السنوات الأخيرة بعد انتخاب الرئيس فيليكس تشيسيكيدي عام 2019 والذي شهدت فترة ولايته تحسنًا ملحوظًا في حماية الحريات الدينية والاعتراف بها، مما سمح للمجتمعات المسيحية بممارسة شعائرها الدينية دون خوف من الاضطهاد. وقد اتخذت إدارته خطوات استباقية لحماية حقوق المؤمنين وتعزيز بيئة شاملة حيث تتعايش المجموعات الدينية المتنوعة بانسجام.

المسيحيون مهددون بالاختفاء من العراق ومن غزة… ومشاهد التعميد الجماعي لأطفال بفلسطين تتحدى الموت

تقرير بريطاني: 164 ألف مسيحي فقط موجودون في العراق

كشف موقع “إوبن دور يو كيه” البريطاني، عن عدد المسيحيين في العراق، لافتًا إلى أنهم يحاولون عدم إظهار عقيدتهم علنًا لتجنب “المضايقات والتمييز”.

وكتب الموقع البريطاني تقريرًا ذكر فيه أن “عدد السكان المسيحيين في العراق تضاءل بشكل كبير بسبب الصراع والإرهاب عام 2014، ولا يزال هناك ما يقدر بنحو 164 ألف شخص، أي 0.4% فقط من سكان البلاد البالغ عددهم 42.2 مليون نسمة”.

وأضاف التقرير أن “بعض المسيحيين بدأوا في العودة للعراق، وهناك زيادة قدرها 14000 مسيحي عن العام الماضي”.

وتابع أنه “تم طرد أعداد كبيرة من المسيحيين من بلداتهم وقراهم عام 2014 عندما حاول ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إقامة خلافة إسلامية في الشمال”، مشيرًا إلى أن “الكثير من المسيحيين لم يعودوا إلى ديارهم بعد تحرير الأراضي العراقية”.

أسباب هجرة المسيحيين من العراق

تتعدد أسباب هجرة المسيحيين ما بين عوامل قسرية وفي مقدمتها تبني الدستور العراقي الإسلام دينًا للدولة، وبين ممارسات سياسية قمعية في سلطتي المركز والإقليم، فهناك تهميش سياسي متعمد، وأيضًا بسبب انعدام الأمان والقانون وتبني عقلية طائفية قومية دينية عنصرية، بل تشريع قوانين عنصرية دينية.

الأصول التاريخية للمسيحيين في العراق

من ناحية الأصول التاريخية والجغرافية والمذهبية، ينقسم المسيحيون العراقيون إلى 5 أقسام رئيسية:

*  الكلدان: وهم يشكلون القسم الأكبر من المسيحيين العراقيين، ويقطن غالبيتهم في بلدات محيط الموصل (سهل نينوى) وعموم شمال العراق، مثل تلكيف والقوش وعينكاوا، كما أن لهم حضورًا واضحًا في بغداد والبصرة. وكان الكلدان في الأصل على المذهب النسطوري حتى القرن التاسع عشر، ولكنهم تحولوا إلى الكاثوليكية. وهم يتكلمون بلهجة خاصة قريبة إلى السريانية العراقية الفصحى.

*  الآثوريون: وهم من أتباع الكنيسة النسطورية العراقية، ونزح غالبيتهم إلى العراق من المناطق المحاذية للموصل في جنوب تركيا. ويختلف الآثوريون عن الكلدان من ناحية المذهب، وكذلك من ناحية طبيعتهم الجبلية، بالإضافة إلى لهجتهم الخاصة المشتقة أيضًا من السريانية.

*  السريان الأرثوذكس (اليعاقبة): وهم أتباع الكنيسة السورية، ويقطنون مدينة الموصل، ويشكلون عمومًا نخبة حضرية متميزة. وبعضهم تحول إلى الكاثوليكية في القرن التاسع عشر، وسموا أنفسهم السريان الكاثوليك.

*  الأرمن: يعود أصلهم إلى بلاد أرمينيا في منطقة القفقاس التي تقع جغرافيًا عند أعالي بلاد النهرين، ومنها ينبع نهرا دجلة والفرات. وقد ظل الأرمن على علاقة تاريخية عميقة مع العراق وظلت هجراتهم إليه طيلة التاريخ. وينتمي القسم الأكبر من أرمن العراق إلى المذهب الأرثوذكسي، مقابل أقلية تتبع المذهب الكاثوليكي.

المسيحيون مهددون بالاختفاء من غزة … عددهم وصل إلى 2000 فقط

قامت قوات الجيش الإسرائيلي مؤخرًا بإطلاق صاروخين على دير راهبات الأم تريزا (مرسلات المحبة) الذي يأوي أكثر من 54 شخصًا من ذوى الإعاقة وتم تدمير محتويات الدير. وقالت البطريركية اللاتينية إن قصف الدير أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المسيحيين، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالمباني.

كما استهدف قناصة جيش الاحتلال كنيسة العائلة المقدسة بغزة في منتصف ديسمبر.

وقالت بطريركية اللاتين فى بيانها: “ندين استهداف الكنائس، بعد استهداف سابق لكنيسة القديس برفووريوس، ونعلن عن استهجاننا لتنفيذ هذا الهجوم تحديدًا في الوقت الذي فيه تستعد الكنيسة لعيد الميلاد.”

أسوأ سيناريو للمسيحيين

كنيسة القديس بورفيروس التابعة لطائفة الروم الأرثوذكس وكنيسة العائلة المقدسة التابعة للطائفة الكاثوليكية هما الكنيستان الوحيدتان اللتان تنشطان في غزة حاليًا، ويحتمي بهما اليوم قرابة 900 من المسيحيين الذين أخلوا بيوتهم منذ بداية القصف الإسرائيلي على القطاع قبل أكثر من أسبوعين.

وتداولت صور على وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد لتعميد جماعي للأطفال الذين لم يُعَمَّدوا بعد في قطاع غزة، وذلك مخافة مقتلهم بدون تعميد في الحرب الدائرة رحاها حاليًا.

ويقول منذر إسحاق، وهو مسيحي فلسطيني يعيش في الضفة الغربية، إن “مسيحيي القطاع يستعدون لأسوء السيناريوهات”، حيث يُعد المسيحيون أقلية في غزة، إذ لا يتجاوز عددهم 1500 شخص ينتمون إلى طائفتي الروم الأرثوذكس والكاثوليك، أي أقل من 0.05% من مجموع السكان، ومعظمهم من الروم الأرثوذكس.، وهم يتوزعون في مناطق متفرقة في مدينة غزة بين الرمال والميناء الجنوبي وتل الهوى، ويعملون في قطاعات مدنية مختلفة كالتدريس والوظائف الحكومية والصياغة والطب وغيرها.

المسيحية في غزة

كانت مدينة غزة تضم الآلاف من المسيحيين، وكانت العائلة المقدسة قد مرت بها أثناء رحلتها إلى مصر. وبعد حرب 1967 ، تقلصت أعداد المسيحيين، حتى وصل تعدادهم إلى لسبعة آلاف مسيحي بعد سيطرة حماس على القطاع، وينتمي أغلبهم للطائفتين الأرثوذكسية والكاثوليكية. واليوم تشير الأرقام لانخفاض أعداد المسيحيين إلى ألفي نسمة. وتضم غزة ثلاث كنائس وهي كنيسة العائلة المقدسة للاتين الكاثوليك، وكنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، والكنيسة المعمدانية الإنجيلية.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا