يحمل هذا العيد اسم “الفلنتاين” نسبة إلى قديس بهذا الاسم يُعد راعيا للعشاق في العالم. وقد جاء اختيار 14 من فبراير (التاريخ الذي يعتقد أنه قتل فيه عام 269 بعد الميلاد) عيدا للعشاق في كثير من الدول.
وقد بدأ الاحتفال بعيد الحب، منذ منتصف القرن التاسع عشر، حينما حوَّل التجار الأمريكيون تقليدا دينيا شعبيا لإحياء ذكرى القديس فالنتين إلى حدث معاصر.
تشير الرواية الأكثر تداولاً إلى أن فالنتاين كان كاهنا أو أسقفا عاش في روما، خلال القرن الثالث الميلادي، واعتقله الإمبراطور الروماني، خلال فترة الاضطهاد الديني للمسيحية.
وتتبنى المواقع الكاثوليكية رواية مفادها أن جريمة فالنتاين كانت تزويج العشاق المسيحيين، في مخالفة لأوامر الإمبراطور، كلاوديوس الثاني، الذي منع الزواج لاعتقاده أنه السبب وراء عزوف الشباب عن الخدمة العسكرية.
لكن القديس فالنتاين أصر على أن الزواج هو أحد سنن الخالق في الأرض، وعصى أوامر الإمبراطور وعقد الزيجات سرا. وعندما اكتشف الإمبراطور الأمر، سجنه وأمر بإعدامه.
وأثناء سجن فالنتاين، وقع في حب ابنة السجان. ويوم إعدامه في 14 فبراير، أرسل لها رسالة حب بالتوقيع “من فالنتاين”، وهي اللفتة التي استمد منها العالم اليوم تقليد إهداء كروت للمحبين.
ويعزو دارسو الأدب المعاصر تحوُّل فالنتاين إلى راعٍ للعشاق، وارتباطه بالاحتفال بيوم عيد الحب إلى قصيدة كتبها الشاعر الإنجليزي، جيفري تشوسر، عام 1380، تكريما لريتشارد الثاني، ملك إنجلترا، في عيد خطبته الأول على آن من مملكة بوهيميا، جاء فيها: “وفي يوم عيد القديس فالنتين..حين يأتي كل طائر بحثاً عن وليف له، في مستهل الربيع الإنجليزي”. وافترض قرّاء القصيدة، على سبيل الخطأ، أن تشوسر كان يشير إلى الرابع عشر من فبراير/ شباط باعتباره يوم عيد الحب.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أنه لم تكن ثمة صلة بين القديس فالنتاين والحب الرومانسي، قبل إشارة تشوسر. وقد بلغ الأخير مبلغا عظيما من القدرة على التأثير؛ إذ عُدَّ أبرز الشعراء الإنجليز في فترة ما قبل العصور الوسطى، قبل عهد شكسبير.
وعقب ذيوع قصيدته، تحوَّل الجميع إلى تبادل رسائل الحب، في 14 من فبراير، وبث القديس فالنتاين، الذي استحال شفيعا للحب، شكاواهم من عذابات الوجد وفراق الحبيب. كذلك تحفظ لنا مسرحية هاملت للشاعر الإنجليزي، ويليام شكسبير، تضرُّع أوفيليا للقديس فالنتاين وإشارتها لعيد الحب.
وبحلول القرن التاسع عشر، تحوَّل العشاق من كتابة الرسائل بخط اليد إلى تبادل بطاقات محمَّلة بقصائد الحب، تستلهم رموزاً رومانية كالطفل كيوبيد ابن فينوس، إلهة الحب والجمال في الميثولوجيا الرومانية، وغيرها.
وبعد رواج تجارة إنتاج بطاقات المعايدة، تطور الأمر إلى تبادل الورود والشوكولاتة التي يتم تغليفها بالساتان الأحمر وغيرها من الهدايا، ثم اتسع التقليد والتجارة، على حدٍّ سواء، ليشمل جميع الهدايا التي يقدمها، عادةً، الرجال إلى النساء.
وفي ثمانينات القرن العشرين، شاع تقديم هدايا من المجوهرات الثمينة، لدى الطبقات الأرستقراطية، حتى أن تجارة الألماس كانت تشهد كثيراً من الانتعاش في الرابع عشر من فبراير.
وفي عيد الحب نجد الفرصة لتسليط الضوء على واحدة من أبرز قصص الحب في القرن العشرين وهي قصة إدوارد الثامن ملك بريطانيا الذي تنازل عن العرش ليتزوج بمن يحبها وهي المطلقة الأمريكية الليدي واليس سيمبسون.
من هو إدوارد الثامن؟
اسمه بالكامل هو إدوارد ألبرت كريستيان جورج أندرو باتريك ديفيد وقد وُلد في 23 يونيو من عام 1894 بريتشموند في ساري بإنجلترا، وتوفي في 28 مايو من عام 1972 في العاصمة الفرنسية باريس.
كان أمير ويلز بين عامي 1911 و1936، وملك بريطانيا من 20 يناير إلى 10 ديسمبر من عام 1936، عندما تنازل عن العرش من أجل الزواج من المطلقة الأمريكية واليس سيمبسون.
وكان الملك البريطاني الوحيد الذي تنازل طواعية عن العرش.
وكان والده، الذي أصبح الملك جورج الخامس عام 1910، منضبطا وصارما. وإدوارد هو الابن الأكبر لجورج والملكة ماري، وأصبح وريثا للعرش عند تولي والده في 6 مايو من عام 1910.
وإلى جانب إدوارد، الذي طالما أطلقت عليه عائلته اسم ديفيد، كان هناك 4 أمراء ملكيين آخرين وهم ألبرت “بيرتي”، لاحقا الملك جورج السادس، وهنري وجورج وجون وأخت هي الأميرة ماري.
بعد أن أصبح أمير ويلز في عام 1911 وخدم في حرس غرينادير خلال الحرب العالمية الأولى، بات أحد أشهر وجوه مجتمع العشرينيات.
وخلال أوائل العشرينيات من القرن الماضي، قام بجولات نوايا حسنة واسعة النطاق في الإمبراطورية البريطانية، وبعد مرض عانى منه والده في عام 1928، أخذ الأمير يبدي اهتماما متزايدا بالشؤون الوطنية.
فخلال فترة الكساد التي أعقبت انهيار وول ستريت عام 1929، زار المناطق الفقيرة في المملكة المتحدة وشجع 200 ألف عاطل عن العمل من الرجال والنساء على الانضمام إلى مخطط العودة إلى العمل.
وقد فاقت شعبيته شعبية والده وجده إدوارد السابع بكثير.
وقد منحه الملك جورج الخامس في عام 1930 حصن بلفيدير، وهو منزل يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر ينتمي إلى التاج ويقع بالقرب من سونينغديل في بيركشاير.
ولقد منحته تلك القلعة، كما كان يطلق عليها دائما، الخصوصية حيث عمل بجد في الحديقة والأراضي المحيطة فبرع في مجال البستنة وخاصة في زراعة الورود.
وسرعان ما بدأ يعتبر القلعة ملاذا من العالم الرسمي الذي بات لا يحبه بشكل متزايد. وهناك أقام حلقة خاصة من الأصدقاء الذين لا ينتمون للطبقة الأرستقراطية التقليدية.
وفي عام 1930 بدأت صداقة الأمير مع الأمريكية واليس سيمبسون من بالتيمور بولاية ماريلاند.
وكانت سيمبسون، التي انفصلت عن ملازم في البحرية الأمريكية عام 1927 قد تزوجت من إرنست سيمبسون في عام 1928، وكان في دائرة الأصدقاء المقربين من الأمير إدوارد.
وكانت عائلة سيمبسون تُشاهد في كثير من الأحيان برفقة الأمير، وبحلول عام 1934 أصبح إدوارد يحب واليس بشدة.
وفي هذه المرحلة، وقبل أن يتمكن من مناقشة الأمر مع والده، توفي جورج الخامس في 20 يناير من عام 1936، وأُعلن إدوارد ملكا.
وبعد وفاة جورج الخامس، واجه الملك الجديد مشكلة كبرى.
وتمثلت تلك المشكلة في حبه لواليس سيمبسون حيث أنه بصفته الملك والحاكم الأعلى لكنيسة إنجلترا لا يمكنه الزواج من مطلقة فكان عليه أن يختار بين بلده وحبه.
وكملك، افتتح إدوارد الثامن في نوفمبر البرلمان ثم قام بجولة في جنوب ويلز.
وفي هذه الأثناء، قوبلت محاولاته للحصول على موافقة العائلة المالكة على سيمبسون، التي حصلت على مرسوم أولي بالطلاق في 27 أكتوبر من عام 1936، بمعارضة شديدة بدعم من الكنيسة الإنجليزية (التي كان يرأسها) ومعظم السياسيين في كل من بريطانيا والكومنولث.
وقد كان ونستون تشرشل، الذي خرج من السلطة آنذاك، حليفه البارز الوحيد.
وقد أثارت علاقته مع سيمبسون الكثير من التعليقات اللاذعة في الصحف والمجلات الأمريكية والأوروبية.
وحاول رئيس الوزراء آنذاك ستانلي بالدوين إقناع الملك بالخطر الذي يهدد سلامة النظام الملكي بسبب الصداقة الخاصة مع سيمبسون.
وقد أُثير الأمر برمته في الصحافة والبرلمان في 3 ديسمبر ، وفي اليوم التالي ظهرت كلمة التنازل عن العرش في الصحف لأول مرة.
لذلك اتخذ الملك قراره النهائي وقدم تنازله عن العرش في 10 ديسمبرمن عام 1936.
وتم التصديق على التنازل عن العرش من قبل البرلمان في 11 ديسمبر من ذلك العام.
في 3 يونيو من عام 1937، تزوج إدوارد وواليس بمباركة رجل دين من كنيسة إنجلترا في شاتو دي كاندي بفرنسا.
وقام الملك الجديد، جورج السادس، بمنح شقيقه الأكبر لقب دوق وندسور. ولكن رفض في عام 1937، بناء على نصيحة من مجلس الوزراء، منح دوقة وندسور الجديدة رتبة “صاحبة السمو الملكي”، وهي الرتبة التي يتمتع بها زوجها. وقد جرح هذا القرار الدوق بشدة.
وخلال العامين التاليين، عاش الدوق والدوقة بشكل رئيسي في فرنسا وزارا دولا أوروبية أخرى مختلفة، بما في ذلك ألمانيا في أكتوبر/تشرين الأول من عام 1937 حيث التقيا بالزعيم النازي أدولف هتلر وتناولا العشاء مع نائبه رودولف هيس.
يذكر أنه كانت هناك مخاوف عند البعض لدى توليه العرش من أنه متعاطف مع النازية حيث أن السفارة الألمانية في لندن قد أرسلت برقية آنذاك لعناية هتلر نفسه. وجاء في تلك البرقية أن “التحالف بين ألمانيا وبريطانيا بالنسبة له (الملك) ضرورة ملحة”.
ورغم اندلاع الحرب العالمية الثانية إلا أن الخلاف بين الدوق وعائلته استمر، وبعد زيارة لندن وافق على تولي منصب ضابط اتصال مع الفرنسيين قبل أن ينتهي به المطاف في لشبونة بعد استسلام فرنسا.
وقد قام هتلر، الذي كان يرغب في جذب الدوق إلى معسكره، بمحاولة فاشلة لإقناع إدوارد وزوجته بالذهاب إلى إسبانيا، التي كانت متعاطفة مع النازية.
لكن سرعان ما انتقل الدوق ليصبح حاكم جزر البهاما في الكاريبي بين عامي 1940 و 1945.
بعد عام 1945 عاشا في باريس وقد تبع ذلك زيارات قصيرة إلى إنجلترا في السنوات التالية لا سيما لحضور جنازتي شقيقه الملك جورج السادس في عام 1952 ووالدته الملكة ماري في عام 1953، ولكن لم يحضر الدوق والدوقة أية مراسم ملكية رسمية حتى عام 1967 عندما تمت دعوتهما لحضور حفل عام رسمي مع أعضاء آخرين من العائلة المالكة.
وقد عاش الدوق والدوقة في فرنسا حيث توفي هناك عام 1972، بينما عاشت الدوقة حتى عام 1986.
وبعد وفاتهما، تم دفن الدوق والدوقة جنبا إلى جنب في فروغمور، داخل أراضي قلعة وندسور.