20.4 C
Cairo
الخميس, نوفمبر 21, 2024
الرئيسيةأسرةسوء أخلاق أبناء هذا الجيل.. مسئولية مَنْ؟

سوء أخلاق أبناء هذا الجيل.. مسئولية مَنْ؟

مما لا شك فيه أن هناك فرقًا كبيرًا بين السلوك وطبيعة أخلاق الأطفال والمراهقين من أبناء هذا الجيل وبين أقرانهم في الأجيال السابقة، فمن وجهة نظر الاختصاصيين والخبراء، شتان ما بين هذا الجيل والأجيال السابقة.. فأبناء هذا العصر يتمتعون بجرأة زائدة قد تصل في كثير من الأحيان إلي حد الوقاحة، وهم أيضًا متمردون، متغطرسون، أنانيون، ولا يبالون بالعواطف والمشاعر. ولكن قبل أن نتحامل على أبنائنا أو نقسو في حكمنا عليهم، يعتقد الخبراء أننا يجب أن نبحث عن الأسباب الحقيقية التي جعلتهم لا يراعون أصول الأدب في مخاطبتهم لنا وكذلك مع الآخرين.

التحقيق التالي يستعرض تلك الأسباب ويضعها جميعًا في مواجهة أنفسنا..

يضع الخبراء أسبابًا عديدة لطبيعة سلوك وأخلاق الأطفال في هذا العصر، لكنها -حسب اعتقادهم- تدور في فلك واحد هو الأسرة، فبنظرة سريعة على طبيعة عمل الآباء في هذا العصر، سنجد الغالبية منهم يلهثون خلف لقمة العيش وتأمين سبل الرفاهية لأبنائهم. ومما يزيد من سوء حالهم زيادة عدد ساعات العمل بالمقارنة بما كانت عليه في العقود الماضية، وارتفاع تكاليف المعيشة بدءًا بمصاريف المأكل والملبس، ووصولاً إلي رسوم التعليم الباهظة، مما يدفعهم إلى عدم الاكتفاء بوظيفة واحدة، وذلك على حساب الوقت المخصص للجلوس مع الأبناء ومتابعة شؤونهم ومراقبة وتقويم سلوكهم. ونتيجة لهذا الوضع المأساوي لا يجد الأبناء من يردعهم عند ارتكاب سلوك شائن، وهو ما يجعلهم يعتقدون أنه سلوك مقبول ولا غبار عليه فيستمرون في ممارسته.

غياب الدور الحقيقي للآباء

وتعتقد فئة من الخبراء أن وقاحة الأطفال جاءت نتيجة التغير الكبير الذي طرأ على التفكير العام للآباء، حيث أصبحوا أكثر وعيًا مما كان عليه أسلافهم تجاه الاحتياجات النفسية والعاطفية والمعرفية لأبنائهم، وهذا جعلهم يتمادون في التساهل معهم، فعلى سبيل المثال تدرك العديد من الأمهات أن تنمية الجانب الإبداعي في شخصيات أبنائهن يعتمد في أحد جوانبه على تنمية فضول الطفل. ولكن بينما يمكن القبول بتجول الطفل في المنزل ومساعدته على اكتشاف محتوياته لتنمية فضوله، لا يمكن الصمت مطلقًا على تجول الطفل في أحد الأماكن العامة أو العبث بمحتويات منازل الأصدقاء تحت ذريعة تنمية فضوله، فمثل هذا السلوك يندرج ضمن أنماط السلوك غير المقبولة، والتي تنم عن قلة التهذيب، وفي رأي الخبراء هو دلالة على افتقاد الآباء سلطتهم على أبنائهم.

وهناك انتقاد آخر موجه من قبل الخبراء إلي الآباء، وهو أنهم يتعاملون مع أبنائهم وكأنهم أخصائيون نفسيون، وهذا يتعارض مع مفهوم السلطة الأبوية، فمثلاً عندما يوجه الطفل لأبيه كلمة بذيئة كأن يقول له “اخرس” لا يمارس الأب سلطته الأبوية لمعالجة هذا التطاول من قِبل ولده، بل يتقمص دور الأخصائي النفسي ويحاول أن يجد له عذرًا مقبولاً، كأن يتذرع بأنه متعب أو جائع أو متوتر بسبب الدراسة.

كما يعتقد الخبراء أن التمادي الشديد في فكرة تعزيز ثقة الطفل بنفسه يأتي بنتائج عكسية، فاعتياد الطفل سماع الكلمات التشجيعية بصورة مبالغ فيها مثل: أنت موهوب أو أنت عبقري وغيرها من الصفات النادرة، لا يدعم ثقة الطفل بنفسه بل يتجه به نحو الغرور.

تجاهل الدور التربوي للمؤسسات التعليمية

ولا يتوقف خطأ الآباء عند النقاط السابقة التي أشرنا لها، بل هناك أيضًا التمسك بفكرة أنهم أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة في حياة أبنائهم، وهي فكرة  ليست سيئة إذا بقيت في حدود المعقول، ولكنها تصبح عقبة عندما تتعارض مع جهود أشخاص ومؤسسات أخرى ذات صلة وثيقة بتربية الطفل، والمقصود هنا بالطبع المؤسسات التعليمية التي تقع عليها مسؤولية كبيرة في تربية وتهذيب التلاميذ جنبًا إلى جنب مع الأسرة، فاليوم يشتكي المعلمون من أنهم أصبحوا لا يتمتعون بأية سلطة على التلاميذ، فهم يتعرضون للمساءلة والهجوم من قِبل الآباء عند ممارستهم دورهم الوظيفي في تقويم سلوك تلاميذهم.

الإعلام يقدم صورة مشوهة

وعلى صعيد متصل، يتهم الخبراء الإعلام بأنه يساهم في تفاقم المشكلة، فالمسلسلات والأفلام بما فيها أفلام الرسوم المتحركة تروج لصورة الطفل الذي يتجرأ ويتبسط في الحديث مع الآخرين دون أن ينزعجوا منه، بل على العكس يبدون إعجابهم به، وبالتالي يحاول جميع الأطفال أن يقلدوا شخصية هذا البطل.

ومن جانبهم، يتأثر الآباء بتلك الصور التي يشاهدونها في التليفزيون، والتي بفضلها بات أمرًا عاديًا بالنسبة لهم أن يناديهم أبناؤهم في الأماكن العامة بأسمائهم ودون كلمة ماما أو بابا، أو يطلبوا منهم ما يريدونه دون كلمة من فضلك أو لو سمحت، وأيضًا من الطبيعي بالنسبة لهم أن يتركوهم يتصرفون على هواهم في الأماكن العامة دون قيود، وكل هذا بفضل السينما والتليفزيون.

غياب القدوة

يتناسى الآباء أيضًا للأسف الشديد أنهم القدوة لأبنائهم، فلا يراعون سلوكهم أمام أبنائهم، ومن السهل أن يتعدوا على النظام العام من أجل تسيير مصالحهم، أو يمارسوا الكذب ليتخلصوا من موقف وُضِعوا فيه.

وينبه الخبراء إلى أن تهذيب الأطفال عملية ليست مستحيلة، فالطفل في سن 3 و4 سنوات يمكن أن يتعلم أنه ليس مقبولاً أن يزعج الكبار أثناء انشغالهم أو يصرخ في وجه الآخرين.

ويعتقد الخبراء أن التأخر في تهذيب الطفل يجعل المهمة شاقة، محذرين من أن عدم معالجة وقاحة الأطفال منذ الصغر قد يوقعهم في مشكلات عديدة عند وصولهم إلي سن البلوغ.

مواجهة سوء السلوك

1- ضعي قواعد واضحة.

يجب أن تضعي قواعد عامة تحكم سلوك طفلك منذ الصغر، على أن تشرحي له أهميتها، وتصري على معاقبته في حال حدوث أي تجاوز من قبله، وإليك نماذج من هذه القواعد:

ممنوع منعًا باتًا مقاطعة الكبار أثناء الحديث.
الاستئذان قبل الدخول إلى بيوت وغرف الآخرين.
الإسراع لتحية الضيوف بمجرد وصولهم إلى المنزل.
الالتزام بحدود الأدب أثناء الحديث مع الكبار.

2- قدمي لهم شرحًا لأهمية السلوك.

الطفل يحب ألا يكون مثل الآلة، فهو يحب أن تشرحي له الأسباب التي تدعوك لمطالبته بأداء سلوك معين، فمثلاً عندما تطالبينه بأن يلتزم الهدوء في الأماكن العامة، عليك أن تشرحي له أن مثل هذا السلوك يحافظ على صورته أمام الآخرين، وأن الذي يتصرف عكس ذلك يفقد حب الآخرين له، لأنه يبدو لهم طفلاً مزعجًا وغير مؤدب، إضافةً إلي أن تصرفه على نحو مؤدب يدل على احترامه للغير وبالتالي يحظى بالمعاملة نفسها من قبلهم.

3- قللي من عدد ساعات جلوسهم أمام التليفزيون.

كلما قلت المدة التي يشاهد فيها الأطفال التليفزيون قلت فرص تقليدهم للصور غير الحضارية من النجوم والممثلين الصغار. وبالطبع لا يمكننا أن نعزل الطفل عما تقدمه وسائل الإعلام، فبطريقة أو أخرى سيطلع عليها، ولكن المطلوب أن نراقب ما يشاهدونه، وألا نضحك أمامهم على المواقف السخيفة حتى ولو كانت تثير الضحك، لأن عقولهم الصغيرة تهيئ لهم أن الضحك على هذه المواقف دليل على تقبُّلها.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا