20.4 C
Cairo
الخميس, ديسمبر 12, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيالقوة ليست قسوة

القوة ليست قسوة

جلوريا حنا

يعرض لنا الفنان “حمزة نمرة” هذه الأيام ألبومه الجديد “رايق”، وقد عرض يوم الأربعاء التاسع من شهر أغسطس أغنيتين جديدتين: “لعله خير” و”أنا الطيب”. أعجبتني كثيرًا “لعله خير”، وفي أغلب الوقت يعجبني فنه كثيرًا، لكن هذه المرة استوقفتني أغنية “أنا الطيب”، فهي أغنية تشرح حالة الضيق التي يشعر بها البطل بسبب ادعاء القسوة أمام الآخرين بينما هو في الحقيقة بالغ الطيبة.

انتبهت قليلًا لكلمات الأغنية، فبعض جمل الأغنية كانت: “عامل قاسي وجوايا مفيش قسوة، مليش غير قسوتي عزوة…”، “أنا المأذي ومش عايز أكون مؤذي، لكن لو هتأذي هأذي، وده مش بكيفي ده حظي، ونفسي في يوم أعود طيب…». أستطيع أن أرى السبب في كون البطل في حالة حزن، فالكثير في هذه الأيام يتعامل مع الشخص “الطيب” على أنه “ضعيف”، والشخص القاسي على أنه الشخص الذي يجب أن نضع له اعتبارًا ونتعامل معه باحترام.

لا أعرف هل الفنان – مع بالغ احترامي – قد خانه التعبير في هذه الأغنية، إذ يدعو إلى إدعاء القسوة والاعتماد عليها لضمان الحصول على الحقوق وتجنب الأذى، أم أنه في الحقيقة يشرح حالة من الحيرة التي يعيشها البطل لكثرة ما تعرض من أذى، فيشرح خلط هؤلاء الطيبين بين الطيبة والسذاجة، ويشرح مدى تعرض مثل هؤلاء الناس للأذى مما يؤدي إلى خلطهم بين معنى القوة والقسوة، إذ يجعلهم الأذى في حالة من الارتباك.

نجد الكثير على مواقع التواصل الاجتماعي الذين يدعون برد الأذى بأذى مثله كي يشعر الآخرون أنك “مش صيدة سهلة”، وأن “الطيب ملوش مكان في الزمن ده”، وغير هذه من الجمل التي تجعل أي شخص يتسم بتلك الصفة الجميلة يشعر بأنه ضعيف أو أن هناك شيئًا ما خطأ به، وأن عليه أن يقسو أكثر كي لا يتعرض للأذى ويدافع عن حقوقه. تبدأ المشكلة الأكبر، عندما يبدأ هذا الشخص يتغير كليًا ويعتمد على القسوة والانتقام للنفس قائلًا مع بطل الأغنية: “مليش غير قسوتي عزوة… مجبش حقي غير دراعي… لو هتأذي هأذي”، وربما رغم عدم رضاه بما يفعل، لكنه يبرر لنفسه بأن تلك الطريقة الوحيدة ليعيش.

عزيزي… يقول الكتاب عن المسيح: “لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته” (مت12: 19)، ويقول السيد المسيح عن نفسه: “تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم” (مت11: 29)، لكن في نفس الوقت يذكر لنا إنجيل يوحنا ما قاله السيد المسيح للخادم الذي ضربه: “إن كنت قد تكلمت رديًا فاشهد على الردي، وإن حسنًا فلماذا تضربني؟”. كثيرًا ما نخلط هذه الأيام بين القوة والقسوة، فهناك شعرة تفصل بينهما، والسيد المسيح كان قويًا لا قاسيًا، وهذا ما يجب أن نكون عليه، أن نكون أقوياء دون أن نؤذي أحدًا، نفعل ما نستطيع فعله حسب ما تقوله لنا كلمة الله، ونترك الله يفعل ما لا نستطيع فعله. نعتمد عليه واثقين “أن كأس ماء بارد لا يضيع أجره”، ولا نسمح لشيء أن يأخذ عنا وداعتنا التي أخذناها عن المسيح. صديقي… كلمة الله هي أساس حياتنا كي نعيش كما يليق بأبناء الله، وليس أي شيء آخر.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا