هايدي حنا
أهلًا بكم في جولة جديدة داخل حياة طفلك لنُكمل معًا جولتنا حول التبول اللاإرادي عند الطفل، حيث سنتجول حول كيفية التعامل مع هذه المشكلة لديه بعدما تعرَّفنا على أسبابها.. استعدوا سنبدأ جولتنا…
في البداية، علينا معرفة أن رحلة العلاج تحتاج لصبر وتحمل حيث إن الطفل لا يُشفى بين يوم وليلة لكنه يحتاج لوقت، هذا بالإضافة إلى إنه قد يصل لمرحلة التوقف عن التبول اللاإرادي ليلًا عدة ليالٍ ثم فجأة يعود للتبول مرة أخرى في أحد الليالي، فالأمر يحتاج لتدريب من الطفل وصبر وتحمُّل من الوالدين.
الفحص الطبي ورحلة العلاج:
هذه الرحلة متوقفة على معرفة السبب، وبحسب الحالة تبدأ رحلة العلاج.
أولًا. مراقبة السلوك:
وهنا ليس المقصود هو سلوك الطفل ولكن سلوك الأهل، وهذا يحدث قبل اللجوء لمتخصص، فقد يكتشف الأهل أنه توجد مشكلة في طريقة التعامل مع طفلهم كما سبق وذكرتُ في الرحلة السابقة، سواء من خلال تمييز أو عقاب قاسٍ من ضرب، حرمان…، أو خلافات مستمرة بين الوالدين… فإن اكتشف الوالدان المشكلة وعلما أن الأمر متوقف على تعديل سلوكهما نحو الطفل فعليهما أن يبدآ رحلة علاج المشكلة التي تسببت في أزمة طفلهما. إما إن لم يدركا المشكلة فهنا عليهما اللجوء للخطوة الثانية في الرحلة.
ثانيًا. العلاج الجسدي:
على الأهل الذهاب أولًا لطبيب عضوي متخصص قبل الذهاب لطبيب نفسي، فقد يكون السبب عضويًا ويحتاج لعلاج، حيث يفحص الطبيب الطفل جسديًا مع تحاليل يحتاج لها. وإذا اكتشف إن المشكلة لدى الطفل هي مشكلة جسدية فبحسب تشخيصه سيبدأ رحلة العلاج، إما بأدوية تعالج هذه المشكلة أو عملية جراحية، حيث يحتاج الأمر في بعض الحالات للتدخل الجراحي مثل حالات توسيع مجرى البول، وذلك بحسب حالة الطفل.
ثالثًا. العلاج النفسي:
يتم اللجوء لطبيب نفسي متخصص عندما لا تكون هناك أي مشكلة جسدية، حيث يساعد الطبيب الوالدين في معرفة السبب الذي جعل الطفل يتعرض لهذه المشكلة، بل ويبدأ في تدريب الأهل وتوجيههم فيما يتعلق بكيفية معاملة الطفل، وذلك بالابتعاد عن السلوك السلبي والعادات التي مارسوها والتي جعلت طفلهم يتعرض لأزمة التبول اللاإرادي من مقارنة، عقاب قاسي، كلمات مهينة…، والبدء في السلوكيات التي من شأنها أن ترفع من ثقة الطفل بنفسه. وكلما اكتشف الأهل المشكلة مبكرًا كان التغلب عليها أسرع.
والجدير بالذكر أن بعض الأطباء يلجأون للعلاج النفسي حتى في الحالات التي تحتاج للعلاج الطبي، وذلك لأن الحالة النفسية للطفل تتأثر بتلك الأزمة حتى لو كانت المشكلة جسدية، وكذلك لأن سلوك الأهل يحتاج لتدريب كي يساعدوا طفلهم على تخطي تلك الأزمة.
وفي الحالتين – سواء كان السبب جسديًا أو نفسيًا – يحتاج الأهل إلى التدريب على ما يلي:
1) عدم إذلال الطفل وتوبيخه بسبب سلوكه هذا، لأن هذه الطريقة في التعامل معه تجعل الطفل غير قادر على تخطي أزمته فيستمر في التبول اللاإرادي، حيث يؤثر الخوف من الأهل والإحساس بالدونية على قدرته على ضبط المثانة والتحكم في التبول. ولذا عليهم التعامل مع الأمر بالتظاهر بعدم الاكتراث حتى لو كان هناك ضيق، وذلك لأن سلوك عدم الاكتراث ينفي عن الطفل تهمة أن ما يفعله جريمة عليه أن يشعر بالخزي منها، مما يساعد على سرعة علاج التبول اللاإرادي.
2) عدم مقارنة الأهل لطفلهم بباقي إخوته الذي يتحكمون في التبول، فهذا يجعله يشعر بالنقص ومن ثَمَّ يؤثر على قدرته على ضبط المثانة.
3) عدم مشاركة أحد بمشكلة الطفل لأن هذا يزيد من شعوره بالنقص والخزي مما يزعزع ثقته بنفسه فتزداد لديه المشكلة.
4) إن كان الطفل يذهب للحضانة أو المدرسة فيجب على الوالدين التنبيه بعدم عقابه وضربه أو لفت نظر باقي زملائه لما قام به الطفل لأن هذا يهز ثقته بنفسه بسبب شعوره بالخزي أمام زملائه مما يزيد الأمر سوءًا. لذا يجب التنبيه على المسئولين بأنه في حال تبول الطفل لاإراديًا فعليهم أن يأخذوا الطفل بهدوء لتغيير ملابسه، مع العلم بأنه لا بد أن يكون هناك غيار إضافي بين أغراضه التي يأخذها معه تحسبًا لهذا الموقف.
5) مكافأة طفلهم في الليالي التي لا يقوم فيها بالتبول اللاإرادي مما يشجعه على الاستمرار على هذا السلوك، خاصةً عندما يفقد تلك المكافأة في الليالي التي يعود للتبول اللاإرادي والتي تمر بدون كلام قاسٍ أو إهانة لكنه فقط لا يأخذ المكافأة.
على الأهل القيام بهذه الخطوات السابقة للتعامل مع المشكلة نفسها.
لكن هنا يأتي السؤال التالي: هل هذه الخطوات كافية أم أن هناك سلوكيات عامة على الأهل الالتزام بها لتهيئة جو صحي يساعد الطفل على التعافي من هذه الأزمة؟
هذا ما سوف نعرفه الجولة القادمة.. استعدوا سننطلق..