22.4 C
Cairo
الأربعاء, ديسمبر 18, 2024
الرئيسيةفكر مسيحيالبداية الكبرياء

البداية الكبرياء

جلوريا حنا

نقرأ في الكتاب المقدس الكثير من القصص عن ملوك إسرائيل، وعن انقسام المملكة، ونرى بعض الملوك الذين سلكوا بالاستقامة وآخرون سلكوا بالشر، لكن للأسف حتى الذين سلكوا بالاستقامة جاء لهم وقت وسقطوا، ومنهم مَنْ سقط ولم يرجع، فانهارت مملكته. والملك الوحيد الذي لم يُكتب عنه في الكتاب أنه سقط ولم يذكر له أي سقطة كان أحد ملوك يهوذا وهو يوثام.

يُكتب قبل أي سقوط لملك ما معناه: “ارتفع قلبه”، سواء أقال الكتاب ذلك بوضوح أم أظهرت أعمال الملك تلك الحقيقة، فارتفاع القلب هو بداية الانهيار. مَنْ يتكبر دائمًا ينتهي به الحال إلى وضع أسوأ، ونجد هذا الأمر واضحًا في ملوك يهوذا من يوآش مرورًا بأمصيا وإلى عزيا. هؤلاء الملوك وقبلهم آسا أيضًا ارتفعوا ولم يخضعوا، وهؤلاء الثلاثة بالذات رغم بدايتهم القوية لكنهم انتهوا نهاية مأساوية بعبادتهم للأوثان، أما مَنْ يليهم وهو يوثام فلم يذكر الكتاب له السوء.

ساءت الأحوال عندما تكبَّر هؤلاء الملوك بعد سلسلة انتصارات كبيرة، مما أدى لسقوط مملكتهم، وهذا شيء يحدث كثيرًا في أيامنا هذه، إذ عندما ننجح في أمور كثيرة، ننسى الله تمامًا ونتكبر ونفتخر بنجاحاتنا. من الجيد أن نكون سعداء عندما ننجح، لكن هذا لا يعني أن نتعظم وننتفخ وننسى أن الله هو سبب هذا النجاح في بداية الأمر، وربما حينها يلجأ الله لتأديبنا كي نعود له ولا تبعدنا نجاحاتنا عنه، وذلك لمحبته لنا، فالكبرياء نهايته دائمًا مأساوية، وكلمة الله تثبت لنا هذا.

يقول السيد المسيح في إنجيل (يوحنا 15: 4-5): «اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا». المسيح يوضح أن أي ثمر نأتي به هو منه، ونحن بدونه لا نستطيع أن نفعل شيئًا. الله يريد لنا النجاح، لكنه يحزن لكبريائنا بسبب نجاحنا الذي يجعلنا نبتعد عنه، فيسعد الله لنجاحنا، لكنه يحزن لابتعادنا. لننتبه لذلك الثعلب الصغير الذي يفسد كرومنا، متذكرين أن الكبرياء هي أول خطية في التاريخ، والتي بسببها سقط إبليس أولًا ثم آدم وحواء بعده.

عزيزي… عندما سأل التلاميذ السيد المسيح عمن هو الأعظم في ملكوت السماوات أجاب: «إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ». (مت 18: 3-4). إن التواضع هو ما يكسبنا ملكوت الله، وهذه هي الباقية دون أي شيء آخر قد نحرزه على الأرض. يخبرنا السيد المسيح أن نتعلم منه لأنه متواضع القلب، ونحن نعيش كي نكون مثالًا للمسيح على الأرض، فالتواضع يقربنا لله أكثر، إذا نشعر بمدى حاجتنا له. ولنتذكر قصة الملك منسى التي ذُكرت في (2أخبار الأيام 33: 1-20)، هذا الملك الذي كان من أقسى الملوك في يهوذا، لكنه عندما تواضع وأدرك مدى احتياجه لله، خلَّصه الله من ضيقه ولم يتركه، وبعدها تغيرت حياته تمامًا.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا