25.4 C
Cairo
الثلاثاء, يوليو 8, 2025
الرئيسيةأسرةأزمات في حياة المراهق: أزمة فقدانه للشلة أو عدم قدرته على الاحتفاظ...

أزمات في حياة المراهق: أزمة فقدانه للشلة أو عدم قدرته على الاحتفاظ بصداقاته

هايدي حنا

من الأسئلة التي يطرحها علىَّ الأهل عن طفلهم المراهق تلك الأسئلة الخاصة بالشلة، إما تعرُّضه لأزمة فقد أصدقائه، أو كونه غير قادر على الاحتفاظ بالعلاقات العميقة مع أصدقائه (شلة). ولا أستطيع إنكار أن هذه من الأزمات القوية التي من الممكن أن يواجهها المراهق لأنه كما سبق وشاركتُ في مقالات سلسلة “رحلة في أعماق المراهق” فإن من سمات مرحلته ومظاهر تحديد هُويِّته هو “التوحد مع الشلة”، حيث تعطيه الإحساس بالأمان والاستقلالية وتساعده على تكوين هُويِّته؛ لذا من المهم أن نتعامل مع هذه الأزمة بلا تهاون، لمساعدته على تخطيها.

أولًا: تعرُّضه لأزمة فقد أصدقائه

بسبب انتقاله من مكان لمكان، مما يجعل مزاجه إما متعكرًا أو منطويًا، وفي الحالتين يكون غير منسجم في الوسط الجديد الذي سوف يبدأ فيه حياته. ومنهم مَنْ يقرر ألا يحاول تكوين صداقات جديدة بعد صدمة تركه لأصدقائه وذلك خوفًا من أن يتعرض لتلك التجربة مرة أخرى. وبالطبع هذا ضد طبيعته المرحلية وهي تكوين شلة لأنه يجد الأمان فيها. هذا بالإضافة إلى أن هذه الأزمة تؤثر على تحصيله الدراسي، حيث يتراجع دراسيًا بسبب فقدانه للتركيز نتيجة لتلك الأزمة التي يمر بها.

على الأهل إدراك أنه يجب عليهم كبداية أن يكونوا قريبين منه وأن يكونوا أصدقاء له مما يهون عليه تلك الأزمة، ولا يجب التوقف عند فكرة “نحن كفاية لإشباعه من هذا الاحتياج”، لأن هذه ليست الحقيقة، فهو يحتاج للشلة، أي أنه بجانب علاقتهم الودودة معه ستكون هناك خطوات يحتاج لها طفلهم المراهق كي يتخطى الأزمة. ولكي تنجح هذه الخطوات، لا بد أن تكون علاقتهم غير متوترة، وهذه الخطوات هي:

1)     احذروا من تهوين هذه الأزمة وذلك من خلال كلماتكم: “وإيه المشكلة؟ في المكان الجديد ها تقدر تكون شلة ويمكن أحسن كمان.. هو إحنا مش كفاية ولا إيه ما إحنا معاك أهو…” مثل تلك الكلمات تجعله يشعر أن مشاعره المرتبطة بفقد أصدقائه غير مهمة وأنه يهول الأمر أكثر من اللازم، وعندها سوف ينطوي على نفسه ولن يشارككم بمشاعره أو يقوم بإزاحة غضبه عليكم بسبب مشاعره المتألمة والتي لا يستطع أن يعبِّر عنها فنجده يغضب سريعًا من أقل كلمة وموقف… ويزداد تمردًا عليكم، وعلى كل مَنْ يتعامل معه في المجتمع الجديد الذي كان السبب في تلك المشاعر التي يشعر بها بسبب فقدانه لأصدقائه.

2)     عليكم مساندته وتوصيل رسالة له بمدى تفهمكم لأزمة فقده لأصدقائه التي يمر بها، وتكون كلماتكم نابعة من القلب وليست فقط كلمات مجردة من أي مشاعر، لأن مشاعركم قبل كلماتكم هي التي سوف تهون عليه أزمته.

3)     تشجعيه على استمرارية التواصل مع أصدقائه، وذلك من خلال وسائل التواصل، والتي نشكر الله عليها، حيث إنه من خلالها نستطيع التواصل بالصوت والصورة أيضًا مما يهون بُعد المسافات علينا.

4)     لكي تجعلوا طفلكم المراهق يشعر بمدى أهمية هذا التواصل عليكم أن تستمروا في التواصل مع أصدقائكم القدامى وأسركم بنفس الطريقة، عندها سوف يدرك المراهق أنها طريقة فعَّالة وأفضل من لا شيء.

5)     بعد أن تهدأ حالته ويبدأ في التكيف مع الوضع الجديد بسبب مساندتكم، عليكم تشجيعه على أن يحاول تكوين صداقات جديدة في المجتمع الجديد. وما يساعده على هذه الخطوة أن يلاحظ أنكم تسعون لتكوين صداقات في المجتمع الجديد بشرط ألا يصاحب هذا ترك الأصدقاء القدامى حيث تظلوا على تواصل معهم، فهذا قد يساعد المراهق في إدراك أنه بالإضافة إلى استمرارية التواصل مع أصدقائه القدامى من الممكن أن يبدأ في تكوين صداقات جديدة، ولتكن كبداية مع أبناء الأسر التي أصبحت صديقة لكم. والجدير بالذكر أن هذه النقطة هامة عند المراهق حيث إن من قناعاته أن الكبار لا يهتمون بالصداقات ولا يهتمون إلا بالمصلحة العامة، لذا قد لا يسمع لهما فيما يخص تكوين صداقات جديدة، لكن عندما يلاحظ سلوككما المخلص مع أصدقائهم القدامى مع وجود صداقات جديدة سيكون هذا بالنسبة له درسًا في التكيف مع الظروف الجديدة وتكوين صداقات جديدة.

إن هذا الأمر لن يكون سهلًا على الوالدين، حيث لن يخرج المراهق من هذه الأزمة بسهولة، خاصةً لو كانت طبيعته لا تتأقلم مع كل جديد بسهولة، كذلك لو كان بداخله قرار أنه لن يقوم بتكوين صداقات جديدة بعد هذا الموقف الذي تألم فيه. لذا على الأهل أن يصبروا عليه ويتفهموا مشكلته وأزمته ولا يستسلموا لاتخاذ موقف السلبية معه فهذا سوف يزيد من مشاعر الوحدة لديه وهو في أشد الاحتياج لوجود علاقات عميقة تسانده في المجتمع الجديد، حيث إنها الطريقة التي تجعله يتأقلم، لذا على الأهل مساندته مهما طال الوقت.

ثانيًا: فيما يخص عدم قدرته على الاحتفاظ بالعلاقات العميقة مع أصدقائه:

وذلك سواء لكونه من حيث المبدأ هو شخصية غير قادرة على الانسجام وسط شلة أو من الشخصيات التي تُنهي صداقاتها سريعًا حيث إنه ما أن يقترب منه أحد ويبدأ في تعميق العلاقة معه حتى ينفر ويبتعد، فيكون السؤال الذي يفرض نفسه هو: “ما السبب في عدم قدرته على تكوين صداقات أو الانسجام وسط شلة مثل باقي أقرانه؟” ولكي يساعد الأهل طفلهم المراهق على تخطي تلك الأزمة عليهم الإجابة على هذا السؤال، وسوف يساعدهم على ذلك علاقتهم إن كان يغلب عليها طابع الصداقة وليس فرض السُلطة عليه، لأنه إن كانت علاقتهم متوترة بسبب محاولات فرض السُلطة فسوف تفشل محاولتهم لمساعدته لأن أي كلام منهم سيكون بالنسبة له أمرًا لن يسمعه مهما كان لصالحه، وهذا بسبب أزمة تحديد الهويِّة الخاصة بمرحلته.

لذا قبل اتخاذ أي خطوة لا بد من التأكد أن علاقتكم تتسم بالصداقة وليس السُلطة، وبعدها يمكنكم اتخاذ الخطوات التالية:

1)     عندما تسأله عن السبب لا يكون هذا في صيغة اتهام، أي لا تقول: “ليه ما عندكش صديق؟ ليه ما عندكش شلة؟ ليه مش بتقدر تكمل علاقتك مع أصدقاءك وبتبعد…؟” هذه الأسئلة هي أسئلة لوم وفيها اتهام بأنه هو السبب، فحتى لو كان بداخلك هذا الفكر لا يجب أن ينتقل له.

2)     لتكن أسئلتك استفهامية على سلوك الآخر: “ما السبب في أن الشلة لم تتواصل معك لتذهب معهم الرحلة؟ ما السبب أن الشلة من فترة لم تتواصل معك؟ لاحظت أن صديقك من فترة لم يتكلم معك. هل هو مريض أو عنده مشكلة؟”.

3)     بعد هذه الأسئلة، عليك أن تسمع له حتى إن كنت مدركًا أنه هو السبب في هذه الأزمة، وذلك بسبب صفة معينة فيه تجعل الشلة تبتعد عنه، لكن عليك أن تسمعه لتفهم منه وتعرف تفسيره للموقف من وجهة نظره، فقد تكتشف بالحوار أن معه حق، فهو الذي يشعر بعدم راحة معهم وتركهم لأنهم يطلبون منه القيام بسلوك لا يرغب به، أو هناك مَنْ يتنمر عليه…، عندها سيكون اتجاه الحوار مختلفًا، حيث ستكون فخورًا به وبسلوكه، وعليك التعبير له بأنك فخور به لأنه ماهر في تقييمه للآخرين واختياره للأصدقاء.

4)     لو لم يستطع أن يعرف السبب وهو نفسه شاعر بالحيرة، وكنت أنت تعرف أن المشكلة تخص صفة فيه مثلًا: عصبي، مسيطر، يشعر أنه يفهم أكثر من الباقي فيتعامل معهم بتعالي… شاركه بأنه قد تكون هناك صفة فيه هي السبب وحاول ذكر عدة صفات منها الصفة التي تشعر أنها السبب بالفعل، واسمع رد فعله على كلامك.

5)     إن اقتنع بكلامك شاركه بأنك سوف تساعده على التغلب على هذه الصفة. (سبق وشاركتُ بالخطوات التي يحتاج لها في هذه الحالة في مقالتي عن أزمة رفض الشلة والجنس الآخر للمراهق).

6)     إن لم يقتنع اتركه ولا تجبره لأنه لن يسمع لك بالإجبار ولن يعمل بمشورتك، بالإضافة إلى أنه قد يكون من الأساس لا يثق فيك لأنك تمثل له مصدر سُلطة لكنك لست صديقًا، لذا اتركه أفضل حتى يلجأ لك هو.

أخيرًا … لكل أب وكل أم.. لا تقف صامتًا وطفلك المراهق يمر بهذه الأزمة تحت مبدأ “نحن كفاية له” فهذا الفكر هو أنانية منكم، حيث إن علاقتكم به مختلفة عن علاقته بالشلة ولا يوجد جانب يعوض الآخر.. لذا عليكم التعامل مع هذه الأزمة بغض النظر عن رغبتكم الداخلية.

مقالات أخرى

اترك رد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا